هل يخاف الطلاب من المستقبل؟

مدرين المكتومية

مع انقضاء العام الدراسي، يتساءل الكثير من طلاب دبلوم التعليم العام عن التخصصات المطروحة من قبل مُؤسسات التعليم العالي، وتلك المطلوبة في سوق العمل، فتجد البعض منهم خائفًا ومترددًا، والبعض الآخر يبحث عما يمكن أن يساعده في البحث عن التخصص الذي قد يُنقذه من سنوات الانتظار تحت مُسمى "باحث عن عمل" وهو وضع يُعانيه الكثير من الشباب الآن، لكن هناك شباب آخرون يحاولون جاهدين التواصل مع أكثر الأشخاص خبرة لإرشادهم إلى الطريق الصحيح نحو المستقبل الذي لا ملامح له بالنسبة لهم الآن.

إننا في مرحلة نحتاج فيها إلى وقفة جادة حول أهمية توجيه جيل الخريجين من الشباب للانخراط في تخصصات تتناسب مع سوق العمل، وبالتحديد مع المرحلة الراهنة والمستقبلية من عمر نهضتنا المتجددة، وفي تطلعات رؤية "عُمان 2040"، خاصة وأنَّ هناك الكثير من التخصصات التي يجب أن تكون محل تركيز الجهات المعنية في المرحلة المقبلة، تماشيًا مع التوجهات التي تسعى حكومتنا الرشيدة لتحقيقها من خلال الخطط الطموحة، إلى جانب الحراك الذي تعيشه السلطنة الآن خاصة على المستوى الاقتصادي. وعليه فإنَّ مقتضيات الواقع الراهن تتطلب تكاتف الجهود الحكومية، من أجل إنجاز برامج ومشاريع الرؤية المستقبلية، والتي تتضمن عددًا من القطاعات المختلفة وستحتاج بالتأكيد إلى كوادر مؤهلة لتشغل الوظائف المطروحة والتي تحقق أهداف التنمية المستدامة والشاملة.

إننا بحاجة فعليًا للنظر بأهمية قصوى في توجيه النشء والشباب لاختيار التخصصات التي تلائم قدراتهم ومواهبهم وطاقاتهم المختلفة في المجالات كافة، وهذا يفرض على كل شاب ألا يعتمد على نفسه وأسرته وحسب فيما يتعلق بمسألة التوجيه واختيار التخصص الدراسي، وإنما أيضًا يجب أن يكون هناك عمل مؤسسي متكامل لتوجيه الشباب والعمل على تحفيزهم لاختيار ما يتناسب مع ميولهم ورغباتهم واحتياجات سوق العمل. فعلى سبيل المثال هناك تخصصات لم تعد تواكب العصر، بل لا ينبغي إتاحتها من الأساس، وفي المقابل ثمَّة تخصصات أخرى يجب أن تتوافر لأكبر عدد من الطلاب، خاصة تلك المتعلقة بمخرجات الثورة الصناعية الرابعة، والتخصصات القائمة على التعليم المهني والفني، بما يخلق مسارًا تعليميًا جديدًا بديلًا عن المسار التقليدي.

الجميع الآن- مواطن وحكومة- أمام تحدٍ واضح فيما يتعلق بملف الباحثين عن عمل، الأمر الذي يحتم علينا وضع استراتيجية واضحة المعالم نحو ما تسعى الحكومة للتركيز عليه خلال الفترة المقبلة، وما يجب أن توفره مؤسسات التعليم العالي من تخصصات تلائم المرحلة وتساير التطلعات؛ وذلك لضمان توظيف أكبر شريحة مُمكنة من الخريجين بحسب احتياجات سوق العمل، مع تسليحهم بالمعارف والعلوم والخبرات النافعة لهم في مسيرتهم العملية بعد التخرج.

عُمان اليوم أمام خيار واحد لا ثاني له، وهو وضع استراتيجية توظيف طموحة طويلة المدى، تتوازى في تطلعاتها مع أهداف رؤية "عُمان 2040"، وتتوافق مع متطلبات سوق العمل والمتغيرات المحتمل حدوثها، فضلاً عن إسهامها في إتاحة أكبر عدد ممكن من الوظائف لأبناء الوطن من الخريجين، وبذلك نضمن وضع حلول مُستدامة لأزمة الباحثين عن عمل.

إننا علينا أن نواصل السعي الحثيث من أجل تحقيق تنمية اجتماعية شاملة، قائمة على اقتصاد مستدام وحيوي، يعمل به أبناء الوطن بكل جهد وحماس، ينتجون أفضل المنتجات، ويضعون الأسس المتنية لعُمان المستقبل، عُمان التي نريدها في مصاف الدول المتقدمة بإذن الله تعالى.