الحافة.. هل نريدها متنزهًا آخر؟

 

خالد بن سعد الشنفري

بعد مرور 16 عامًا على بدء فكرة مشروع تطوير الحافة الذي أراد له المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- أن يكون شامخًا بشموخ قصر الحصن العامر بإحياء المنطقة التراثية للحافة وترميمها وتحسينها لحمايتها ولتصمد أمام تقلب السنين إلى ما شاء لها الله، بعد أن تسلمناها بمبانيها المعمرة من مئات السنين وبعد مرور هذا المشروع الذي أصبح معجزة عصره على مكاتب وأدراج لجان وجهات حكومية عليا عدة.

يتمخض المشروع اليوم عن متنزه وسوق تراثي بينما مباني المنطقة الثراثية القديمة تتآكل كل يوم أمام أعيننا، هل من المنطق أن نضع العربة قبل الحصان؟ أليس الأولى أن نكون قد بدأنا حينها في الترميم ولو تدريجيًا؟

كشفنا غطاء هذه المباني وكأننا سنبدأ الترميم والتحسين فورًا وهدمنا ما حولها من مبانٍ حديثة غير معمرة ولاتعد تراثًا وقد كلفنا ذلك الملايين وحرمنا أصحابها من الاستفاده منها، وسورنا المنطقة القديمة التراثية بأسوار محكمة ترى من الخارج وكأننا نريد حمايتها، بينما اتحنا بذلك وفتحنا الباب على مصراعيه وعلى مدى سنوات طويلة للهوام والقوارض أن تتوالد وتتكاثر وتنخر في أساساتها لتعجل بانهيارها.. وإن كنت لا تعلم فتلك مصيبة وإن كنت تعلم فالمصيبة أعظم!

ستُصرف ملايين أخرى اليوم لإقامة السوق التراثي والمتنزه كما أعلن عنه قبل أيام، وبذلك نزيد عبئًا على عبء على تلك المباني الحزينة من نكران الجميل، ووهنا على وهن بالإشغالات بمقربة منها بعد أن صمدت في المرة الأولى عند هدم ماحولها أمام هدير البلدوزرات والحفارات.

الأرض قد أصبحت جرداء بعد الهدم الأول ومساحة شاسعة فضاء توجد بين المنطقة التراثية ومتنزه البليد، لماذا لايكون المتنزه والسوق التراثي المقترح هناك وامتداد لمتنزه البليد بعد أن أخذ هذا الأخير الاسم من مدينة البليد التاريخية وبدلاً من تسمية الأمور بغير مُسمياتها.

البليد قضى أهله من أربعة أو خمسة قرون بتهدمه، أما الحافة فمن كانوا يسكنونها ما زالوا أحياءً يرزقون ولديهم أحفاد متعلقون بها كموروث وما زالت أكبادهم رطبة عليها، ومتعلقة فللحافة اسم آخر كانت تسمى أيضًا به وهو "شبذيت ثيريت" باللغة الجبّالية؛ وتعني الكبد الرطبة، فرفقًا بالأكباد لكي لا تنفطر!