قُلْ لا وكفى!

 

أحمد بن خلفان الزعابي

قل لا وكفى، فليس من الصواب أن تقول نعم دائمًا، فقد تكون كلمةً ثمينة ولها كذلك فوائد عديدة في مختلف الأوقات وبرغم من قولك لا لا استطيع قد تسبب لك الحرج في بعض المواقف، وقد ينتج عنها سوء الفهم لدى الطرف الآخر أو الزعل أحيانًا، إلا أنها ترفع عنك الكُلفة وقد تتفق معي بأنك في بعض الأحيان عندما يطلب منك أحدهم شيئًا وترد عليه بنعم استطيع القيام بما تطلبه مني وأنت على يقين بذلك وضمن حدود إمكاناتك، ولا يُشكل ذلك خطرًا أو عبئًا عليك، كمتطلبات الدراسة أو العمل أو البر بالوالدين، فهنا تكون نعم في محلها الصحيح.

إلا أنَّه عندما يـطـلُـب منك إنسانًا موضوعًا مُعينًا ولهذا الموضوع أبعاد يتطلب منك معرفتها، هنا لا تستعجل الإجابة ولا تأخذك العزة أو النخوة بل أطلب منه فسحة من الوقت، وحلل الأمر وقدِّر الوضع، وفكر مليًا، وعندما تتيقن بأنك لا تـُـطيق تنفيذ ما طـُـلب منك وعندما لا تتوافر لديك الإمكانيات التي تُساعدك على تلبية ما طـُلـب منك، فهنا من الأفضل أن ترفع الكُلفة عن نفسك ومن الأجدر بك أن تقول لا، فأنا لا استطيع على الإطلاق، وما أحوجنا في هذه الأيام لقول لا، فمن الضروري جدًا أن نتعلم كيف ومتى نقولها، ولنتجاوز الحرج ولنتجاوز عاداتنا وتقاليدنا مؤقتًا خلال هذه الفترة، ولنقل لا فنحن لا نستطيع استقبال ضيوف ولا نستطيع تلبية دعوة صاحبٍ كريم ولا نستطيع المُشاركة في أية تجمعات شبابية كانت أو عائلية؛ لأنها قد تـُسبب لنا المتاعب لكوننا نعيش في زمن الكورونا، هذه الجائحة التي قدرها المولى عزَّ وجلَّ على البشرية وأضحت تـُقيد سلوكنا، وتفرض علينا عادات جديدة لكي نتعايش معها حمايةً لأنفسنا ومن نحب، ولأجل سلامتنا وسلامة المجتمع فنحن يجب علينا أن نتحلى بالشجاعة ونقول لا نستطيع تلبية الدعوات خلال هذه الفترة ونحن بذلك نـُظهر عنادنا ومقاومتنا الإيجابية تجاه عاداتنا وتقاليدنا العُمانية الأصيلة التي تربينا ونشأنا عليها وبالرغم من الكرم المتأصل فينا، والذي توارثناه عبر الأجيال إلا أن المصلحة العامة تـُقدم على المصلحة الشخصية ولذلك فإنَّ كلمة لا ثمينة بدون شك.

وعلى الرغم من ثقل تأثيرات الجائحة إلا أنها بعون المولى عزَّ وجل ستزول، وأننا بدون أدنى شك سنعود لنقول نعم حيث محلها الصحيح، وحتى تـُشرق شمس الغد المنتظرة بالفرج فنحن ملزمون بقول لا لكل ما من شأنه جلب المتاعب لنا كأفراد أو للمُجتمع، وما تقيدنا بتوجيهات السلطات المختصة نحو التعامل مع الوضع الراهن إلا لتجاوز هذه المحنة، ولكي نتكاتف جميعًا في كل ما من شأنه تجاوز الأزمة، فنحن لن نتهاون على الإطلاق وسنقول لا لا لكل من يود اختراق التعليمات، ولن نتنازل عن حماية أنفسنا وعائلاتنا ومجتمعنا ومن نحب، فلكل ذلك قل لا وكفى.

تعليق عبر الفيس بوك