عُمان وشبابها

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

كلمة أسرتني لما لها من أثر عميق في نفوسنا وقدر ومكانة في داخلنا، فهي حقًا ذات مضامين ودلالات وأعراف، فعُمان البلد الوطن الأم التي نستظل تحت سمائها ونعيش فوق أرضها، ونحتاج لها دومًا، فإنها لتدوم نهضتها وعزتها وفتوتها وقوتها وحيويتها، تحتاج دائمًا لشبابها وشاباتها، ولرجالها ونسائها، كل في مجاله ووفق قدرته.

وإذا كان الأمر كذلك، فقد جاءت الخطوات الأولى من مسيرة النهضة المباركة التي انطلقت في الثالث والعشرين من يوليو من عام 1970، حاملة معها هم الشباب وفكر الشباب وحقوق الشباب، وإنهم عماد التنمية ووجهتها وحراكها وهدفها.

فكان أول ما بدأت به هذه المسيرة هو تعليمهم، ومن الأقوال الماثورة في هذا الجانب لسيد عُمان وبانيها ومؤسس حداثتها -طيب الله ثراه-، التي هي اليوم تزهى بما حققه عليها من منجزات شاهدة نفتخر ونفاخر بها، بأنه "سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل شجرة".

وفعلاً بدأنا بذلك حينما كان- رحمه الله- بين ظهرانينا، وتدرجنا فيه وتطورنا معه شيئًا فشيئاً، مؤكدًا جلالته رحمه الله تعالى وطيب ثراه آنذاك، على أن أهمية اكتساب العلم والمعرفة ضرورة مُلحة في بناء الإنسان والأمم والشعوب والحضارات، ولأنه رحمه الله كان يؤمن إيمانًا راسخًا ومطلقًا، بأنَّه بالعلم والمعرفة يمكن أن يتنور الإنسان ويزدهر المجتمع والوطن معاً، وبالعلم يُمكن نشر الوعي بين الناس، والقضاء على الأمية وآفتي الفقر والبطالة، وبه تحل المشاكل في الداخل والخارج، وأيما بلد زادت رقعة المُتعلمين فيه، فإنها تصبح قوية ومتطورة، فبسبب العلم يتغير تفكير المرء ونظرته للأمور، فيصبح به ومعه وفيه أكثر إيجابية وعطاءً وتميزًا.

إلا أنَّ هذا الإنسان الذي يتعلم لسنوات طويلة، سواء كان بالمجان في مؤسسات التعليم الحكومية كالمدارس والكليات والجامعات، أو ذاك الذي يتعب عليه أهله بتدريسه على حسابهم الخاص لينال بعد ذلك مؤهلا جامعيا أو غيره، ليستطيع بعد التخرج الحصول على وظيفة.

يمكث سنوات باحثًا عن عمل، ناهيك عن الطالب الذي يأتي بتقدير مقبول فإنَّ حظوظه في الحصول على وظيفة بسيطة وضعيفة، أو ذاك الذي لديه مؤهل جامعي يرضى براتب 325 ريالًا من أجل أن يُعيل أهله ويساعدهم، فيذهب عناء السنوات الدراسية سدى، وسهر الليالي وتعب الأيام والتغرب عن الأوطان، يوأد في مهده بسبب خيبات الأمل، مع كل ذلك الطموح والفرح بنيل الشهادة.

أخي الكريم.. إن الدارس الذي يحصل على الدبلوم العام أو البكالوريوس، يطمح هو وأهله بعد ذلك أن يتلقفه الوطن ويحتويه، ويوفر له فرص عمل مناسبة، لكي تكتمل سعادته في تحقيق طموحاته وما تمناه، التي منها المساهمة في بناء وطنه وتطور بلده ومجتمعه، ومن ثم تكوين نفسه ومستقبله من بيت وزوجة وأهل ومصاريف إلى آخره.

والذي نعلمه ونتفق عليه، هو أن الأب حريص على أن يكون أبناؤه أفضل منه في كل شيء، فنجده مهتمًا فيهم ناظرًا إلى مستقبلهم، مغمورًا في التفكير من أجلهم، فيريد لهذا الابن أن يكون معلمًا، ويريد من الآخر أن يكون مهندسًا، ومن ذاك طبيبًا، ومن أخيه دكتورًا ومن البقية ضابطًا واقتصاديًا وعالمًا وهلم جرا.

فيتعب تعبًا شديدًا اتجاه ما ينشده لهم، ممنياً النفس أن يُحقق الله تعالى كل الأماني وتلك التطلعات فيهم ولهم، وهذا ديدن ولاة أمورنا وآبائنا وسلاطيننا وقادتنا في عُمان، مهتمون بنا وفينا، ويتطلعون إلى أن يأخذ أبناؤهم أبناء عُمان مواقعهم في العمل والبناء.

وإذا ما علمنا أن شبابنا يمثلون الشريحة الأكبر من مكونات المجتمع العُماني، فلأهمية ذلك فإنَّ السلطان قابوس طيب الله ثراه، قد خصص عام 1983 عامًا للشبيبة، وخصص عام 1993 عاماً للشباب، وكل ذلك من أجل هذه الكوكبة الفتية التي نرجو أن تبسط إجراءات قبولهم وتوظيفهم، سواء كان ذلك في القطاع العسكري أو المدني، وهذا عشمنا فيكم مولاي المعظم.

مولاي السُّلطان هيثم المعظم- حفظكم الله ورعاكم- لقد أشرتم ووجهتم إلى أهمية توظيف طاقات الشباب وانخراطهم في سوق العمل لاستغلال طاقاتهم، وها هم اليوم أبناؤكم الذين استبعدوا من الوظيفة بسبب الطول أو الوزن أو أمور بسيطة، يطلبونكم الرحمة والشفقة بهم، بأن تصدروا توجيهاتكم بأن يتم قبول الجميع ليكونوا مع إخوانهم الذين سيلتحقون بميادين العزة والشرف والواجب، أو حماة للحق وحراسا المبادئ، لطالما ليسوا بهم عاهات مستديمة.

مولاي المُعظم.. إن توظيف الشباب العُماني في القطاع العسكري والمدني من حملة الدبلوم العام والبكالوريوس وتسهيل إجراءات قبولهم وتعيينهم لهو نهج اختطموه، وشبابنا يستحق كذلك توظيفهم في مؤسسات وشركات القطاع الخاص، كشركات النفط وغيرها وتدريبهم على رأس العمل في جميع التخصصات، وإحلالهم كل ستة شهور بدلاً من العمالة الوافدة..

إنه توجه سليم نتمنى أن يرى النور قريبًا، لتستوعب مؤسسات الحكومة والقطاع الخاص كل الشباب الباحثين عن عمل، فعُمان بحاجة لأبنائها، وأبناؤها بحاجة لها، فليهنأ جميعنا بذلك، ولنسعد بهم كلهم في مواقع العمل بوطن المحبة والسلام عُمان، فأنتم تستطيعون، وأبناؤكم أبناء عُمان يستحقون، وبارك الله خطاكم مولاي المعظم.

تعليق عبر الفيس بوك