‏معلمو اللغة الإنجليزية ومأساة "الآيلتس"

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

 

قضية تتكرر ربما سنوياً ولا أحد يستمع لأنين من يكتوي بألم هذه القضية إنِّهم مُعلمو اللغة الإنجليزية، ومأساتهم مع امتحان الآيلتس "IELTS"، واليوم ترتفع الأصوات وتبح الحناجر وهي تُنادي بأعلى صوتها "كفى كفى كفى" إهدارًا لطاقات وجهود شبابنا خريجي اللغة الإنجليزية؛ إذ لا ذنب لهم إن لم يحصلوا على "الآيلتس" المزعوم، ويكفي السنوات الخمس أو الست التي قضوها في جامعاتهم وكلياتهم، وها هم يكمل بعضهم الأربع سنوات أو أكثر وهو ينتظر الوظيفة؛ بمعنى أنهم دفعوا 9 سنوات أو أكثر من أعمارهم وهم ينتظرون أن يقدموا لهذا الوطن وأبنائه ما تعلموه خلال هذه السنوات، لا أن ينتظروا في البيوت لسنوات أخرى حتى تتبخر معلوماتهم، وتنخر قواهم ويصيبهم الهم والغم والكدر.

وزارة التربية والتعليم تقول لا يمكن توظيف خريجي اللغة الإنجليزية إلا بعد أن يتخطوا اختبار الآيلتس؛ لأن مستوياتهم ضعيفة، وفي المقابل نجد أنَّ معظم هؤلاء الخريجين هم أصلا موظفون في مدارس هذه الوزارة بالانتداب أو بالأجر اليومي، وهناك حاجة ماسّة لأعداد كبيرة منهم في عدد من المديريات التعليمية بمختلف المحافظات، فلماذا هذا التناقض يا وزارة التربية والتعليم؟!

إن على الوزارة الموقرة إذا أرادت أن تطور التعليم، الاهتمام بالأساس وليس بالقشور، فلو افترضنا أن اختبار الآيلتس هو ما سيمنحنا نتائج متميزة ومخرجات عالية الجودة، فعلى الوزارة أن تقدر مستويات كل التخصصات؛ فعلى سبيل المثال نجد أن بعض خريجي اللغة العربية ضعفاء في النحو ولا يعلمون شيئًا عن "علم العَرُوض" ولا ما هو المصروف والممنوع من الصرف، وعندما سألت أحدهم كيف تتعامل مع العروض، قال بالحرف الواحد أعمل له طاف، وعلينا أن نقيس هذا على خريجي الفيزياء والرياضيات والكيمياء والأحياء وغيرها من المواد فلماذا حبكت على خريجي اللغة الإنجليزية؟

هذه التصرفات تخلق الاختناقات والهم والكدر والتعب والمشقة، والمستفيد الأكبر من هذا الإجراء هي المعاهد التجارية التي أكلت وشربت من مقدّرات أُسر فقيرة دفعت دم قلبها لكي يحصل ابنها على الآيلتس الموهوم، ولن يحصلوا مهما درسوا وثابروا؛ لأن هذه المعاهد وجدتها فرصة سانحة للكسب السهل فقيمة كل اختبار 80 أو 100 ريال عُماني، وهناك من حاول عشرات المرات، لكن النتيجة محسومة سلفًا، ومن تخطى الاختبار عليه تخطي الاختبار التربوي، وبعد ذلك عليه إحضار شهادة آيلتس جديدة؛ ما يعني أنه يجب على الخريج كل سنة أو سنتين أن يدفع مئات أو آلاف الريالات للحصول على هذه الشهادة وهو ما يمنح معاهد التعليم مداخيل عالية على حساب هؤلاء الذين لا حول لهم ولا قوة.

على الوزارة احتضان هؤلاء الخريجين وإكسابهم ما تريد أن تكسبهم بالدورات التدريبية على رأس العمل، أو من خلال توظيفهم وتخصيص فصل كامل لتأهيلهم، وألا تنتظر أن ينفجر البالون، ومن ثم نرى عدم اشتراط اختبار الآيلتس ولا غيره ولنا في ذلك تجارب كثيرة، ودمتم ودامت عُمان بخير.