لست الأفض

عائض الأحمد

 

هل تعتقد أنَّك الأفضل في هذا الجمع؟ إن ظننت ذلك.. فكيف؟ ولماذا؟

كان هذا سؤالي للعديد ممن قابلتهم وكان البعض ينظر لمنصبه وما يتقاضى مُقابل العمل الذي يقوم به ثم يعتقد أنَّه الأفضل وكأن المنصب والمال هو من يجلب الأفضلية.

الصديق الآخر يظهر يوميًا في العديد من القنوات واسمه معروف للجميع كمُحلل للعديد من الأحداث ويعتقد أنَّه يتفوق على الجميع وبذلك هو الأفضل والأكثر شهرة. بينما الكاتب المعروف جدًا يذكره بأنَّه هو من قدَّمه للإعلام ولذلك فله الأفضلية من خلال تقديم المبدعين ودعمهم من خلال نظرته الثاقبة وتبني المميزين فماذا سيقول بعد ذلك.

الأستاذ (محمد) بخبرة السنين وبحكمة المُعلمين ظل صامتاً ولم يكن يريد الحديث واكتفى بقوله كل هؤلاء في يوم من الأيام كانوا تلاميذ في مدرستي. لدي اعتقاد بأنَّ الأفضلية للظروف التي تهيأت لك فجعلت منك "الأفضل"، كما تعتقد.

هناك مبدعون كثر لم يجدوا ما حظيت به أنت من اهتمام فكان الزمان والمكان معك. الإبداع ليس حصراً على من يتسيد المشهد ويتردد اسمه ويظهر بأجمل الحُلل. هناك في الظل من لم تساعده الظروف وهذا قدره ربما صنعه هو بنفسه أو لم يقدمها كما يجب، هناك مبدعون كثر يقفون في آخر الصفوف بقناعة كاملة ورضا عجيب، بل ويتندرون على هؤلاء بقولهم تركنا لكم المشهد ونحن من كتب "السيناريو".

في أحد الأيام كنت في إحدى مكتبات القاهرة العامرة بكل ما هو مُفيد وكان بجواري ذاك الرجل الوقور وشاهد تنقلي هنا وهناك دون أن أقرر ما أريد فقال لي تفضَّل معي ولن تحتار بعد اليوم ولم يكن يعلم بأنَّه قال ما لم يقله أحدٌ قبله وزادني حيرة وتأملاً.

ذكر لي بعض الأسماء وكنت أعرفهم من خلال تواجدهم ومُؤلفاتهم، المفاجئ أنَّ هذا الرجل يحفظ حتى الفهرس في مؤلفاتهم وقال أفهمها كما تريد. ونال غيره الشهرة والحق الأدبي والمادي أيضًا. ورضي هو طوعاً أن يكون في الظل؛ بل ويطلق تلك الضحكات تهكماً وكأنَّ الأمر بالنسبة له مشهد درامي يتلذذ بمشاهدته ونقل تفاصيله لمن لم يشاهده على سبيل لوكنت أريد الظهور لفعلت ولكن أنا خلقت "كومبارس" لممثل فاشل.

هل تعتقد أنّ بيننا الكثير من هؤلاء يصمت دهراً ثم يتحدث علقماً ومرًا.

******

ومضة:

المثل العربي الشهير يقول خذ الحكمة من أفواه المجانين وأزيد وغيرهم من المغفلين.

*****

يقول الأحمد: لم تعد الدراما تحاكي الواقع.. لماذا؟!