إبراهيم بن سالم الهادي
عندما تُطالعنا بعض صحف العالم بأخبار عن جرائم قتل بسبب لعبة "بابجي PUBG" وحكومات تغلقها محلياً، فعلينا أن نقرع ناقوس الخطر وبكل قوة، وأن نستنفر طاقاتنا للبحث عن حلول توقف شرًا مُستطيرًا يحصد الأرواح ويهدر طاقات شبابنا ويُهدد مستقبل أطفالنا.
فهي لعبة تقوم على نمط الألعاب القتالية وألعاب إطلاق النَّار كلعبة كاونتر سترايك وألعاب أخرى مشابهة، يتقاتل فيها مئة لاعب بنظام فردي أو فرق من مُختلف دول العالم عبر شبكة الإنترنت، ولن ينجو منهم- بعد الاقتتال- إلَّا لاعب واحد؛ فجميعهم أعداء حسب نظام اللعبة! وبذلك تُحقق اللعبة أهدافها الخبيثة بتنمية العنف عند اللاعبين أيًا كانت أعمارهم؛ سواء أطفالا أو كبارا، ذكورا أو إناثا، كونهم يُدمنون على الأسلحة النارية والسكاكين والفؤوس في اللعبة، ويقضون ساعات طويلة دون إدراك للوقت وأهميته. وإلى جانب ما تتسبب فيه هذه اللعبة من عنف نفسي، فإنِّها تولد تأثيرات سلبية على الدماغ وخلايا المخ وضعفًا في التركيز، كما إن ضوء شاشات الأجهزة المستخدمة في اللعب واستمرار التركيز فيها لساعات طوال يوميًا يُؤثر على نظرهم، وربما يحدث آثارًا مُستقبلية سلبية على العيون. أضف إلى ذلك أنَّ الشباب الذين يمتلكون مواهب وقدرات وطاقات يمكن لها أن تُسهم في بناء الوطن، قلبوا ليلهم نهاراً، ونهارهم ليلاً؛ إذ يسهرون الليل وينامون في بداية كل صباح مع تفتح الأزهار والأرزاق، فيحرمون أنفسهم لذة الحياة الحقيقية، ويكاد الكثير منهم محرومًا من سماع زقزقات العصافير الصباحية وهي تناديهم "حيَّ على الفلاح"، فقد عكسوا الآية التي أوضحت أصل الحياة "وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشا"، وبعضهم نسوا صلواتهم الخمس أو تناسوها فقد دخلوا مع أحزاب المقاتلين والشياطين.
ما يحدث لدينا اليوم من إدمان كبير على هذه اللعبة وانتشارها في كل بيت في عُمان فإن آلاف الآباء والأمهات فقدوا أبناءهم بطريقة غير مباشرة بانسحابهم من الأنشطة الاجتماعية وما يُعانونه من اضطرابات في النوم بسبب لعبة بابجي ولعبة الفورتنيت وفري فير وغيرها من الألعاب التي نجحت في تطويرها شركات عملاقة تتاجر بالبشر ولا ترى أمامها غير عملات الدولار التي تتدفق عليها من مختلف أقطاب العالم، لقد فقدوا أبناءهم بعدما كانوا يجلسون معهم ويتسامرون ويشاركون في الأحاديث والأعمال المنزلية والآراء وغيرها من العناصر التي خلقها الله بفطرة الأرحام، وللأسف الشديد أن الإدمان على هذه الألعاب تسبب في هدر طاقات الشباب والقضاء على أوقاتهم وإنتاجهم دون أن يشعروا.
وفي الوقت الذي انتشرت فيه هذه الألعاب وما خلفته من آثار على المستوى الأسري فإنَّ تأثيراتها امتدت لتطال أخلاق بعض الشباب فاللعبة مفتوحة للتواصل المُباشر بين الشباب والبنات دون رقيب، فحولت بعض الشباب الذين تربوا على الأخلاق الحميدة إلى ذئاب بشرية تصطاد فرائسها بواسطة لعبة بابجي وغيرها من الألعاب، وتدنت معها أخلاق بعض البنات العفيفات الطاهرات إلى الانحطاط، فسجلت معها المحاكم قضايا بالجملة، وقضايا غيرها أخفيت، ولكنها فتكت بشباب كانوا يوماً ما يضيئون مُجتمعهم بنشر فضيلة الخير. والغريب أنه رغم كل ما تسببت به هذه الألعاب من خسائر هائلة في ثروة الوطن من الشباب والأطفال إلا أنها مفتوحة لدينا على مصراعيها دون تدخل من الجهات المختصة ويرافق ذلك صمت من الدعاة والمُثقفين.
وعليه.. فإنني أناشد جهات الاختصاص بتقنية المعلومات أن يوقفوا مثل هذه الألعاب في السلطنة؛ لأنها أصبحت تهدد مستقبل الشباب، وباتت خطرًا حقيقيًا يحدق حتى بالاطفال، وعلى المسؤولين في هذه الجهة أن يستشعروا الخطر من مبدأ "كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته"، كما أناشد وزارة الأقاف والشؤون الدينية إصدار فتوى تُحرم هذه الألعاب؛ كون أضرارها وصلت إلى الفتك بأبناء الوطن، فانقذوا جيلًا يُعول عليه في بناء الوطن.