المجتمع يحتاج جرعة تفاؤل

 

د. حميد بن فاضل الشبلي

humaid.fadhil@yahoo.com

 

ما شهدته الأيام المُنصرمة من أحداث في المُجتمع، لم تكن لتحدث لولا التراكمات التي خلفتها الأزمة الاقتصادية العالمية، وكذلك تبعات انتشار فيروس كورونا ومعها هبوط أسعار النفط؛ المورد الأساسي لميزانية الدولة، إضافة للإخفاقات والقصور في أداء بعض المؤسسات الحكومية والخاصة في الفترة الماضية، الذي أجبر الحكومة على اتخاذ بعض القرارات والإجراءات لعلاج العجز المالي الحكومي، وذلك ضمن خطة التوازن المالي.

غير أنَّ ذلك أدى إلى تأثر المستوى المعيشي لحالات كثيرة من أفراد المجتمع، الذين تفاجأوا بالحقائق التي نشرتها الحكومة حول تزايد الدين العام للسلطنة خلال السنوات الخمسة المنصرمة، والتي على كل حال لا علاقة للفرد بها، وبما يدور في الكواليس من صرف وتبذير، أدى لأن يصل الحال لما هو عليه الآن من أزمة مالية خانقة على الأفراد، وقبل ذلك تأثر به الوضع المالي للدولة.

النقطة الأخرى المُهمة حول هذا الموضوع أنَّ المجتمع خلال الفترة الماضية فقد عامل الطمأنينة والإيجابية والتفاؤل نتيجة لبعض الإجراءات والقرارات والتصريحات الحكومية، وخصوصًا إذا ما علمنا أن ليس غالبية أفراد المجتمع على قدر من الاستطاعة لتحمل تبعات بعض الإجراءات، وهنا لا نستطيع مراقبة تصرفات جميع الأفراد حول كيفية تعاملهم وتكيفهم مع الوضع المالي الجديد الذي يمر به الوطن، لذلك من الطبيعي أن نشاهد ردات فعل مُختلفة على شبكات التواصل الاجتماعي من النقد والامتعاض المجتمعي، إلا أننا كمجتمع مسلم صاحب قيم ومبادئ لا نقبل أن يكون النقد يحمل صور التلفظ وفيه نوع من الإهانة والتجريح لبعض المسؤولين والمؤسسات، كذلك تمنينا لو لم يتم هذا التصعيد من خلال وجود رؤية وعدم استعجال من المؤسسات في بعض القرارات والإجراءات، وخصوصًا أنها كانت تصدر تباعًا واحدًا تلو الآخر مع ما يُصاحبها من تصريحات غامضة، قضت في بعض الأحيان على الآمال والأمنيات والأحلام التي كان يتطلع لها كثير من أفراد المجتمع.

لذلك نحن اليوم شركاء جميعًا في بناء هذا الوطن؛ سواءً كنَّا أفراد أو مؤسسات، ومن هذا المنطلق نقترح على الجهات المختصة بدعم من لجنة التوازن المالي وأي لجنة أخرى معنية، وضع خطة لرؤية "عُمان 2040" أو لها علاقة بالتنظيم المالي والاقتصادي للوطن، وأن تُرفد بمجموعة من ذوي الاختصاص والخبرة في المجال الاجتماعي والنفسي، لتضع قراءة مسبقة حول أي قرار يراد إصداره له علاقة بالجانب المعيشي والاجتماعي للمواطن؛ حيث تقوم هذه اللجنة أو المجموعة برفع تقرير يتحدث عن الآثار المترتبة على صدور أي قرار سواء كان بالإيجاب أو السلب، وفي حالة تنبؤها بأنَّ هذا القرار له أضرار بالغة على الوضع المعيشي وعلى استقرار الأسرة العمانية مما يولد الضرر والامتعاض المجتمعي، هنا يستوجب عليها ومع أصحاب القرار أو القانون وضع الحلول والأفكار التي يمكن من خلالها إصدار أي قرار دون أن يكون له تأثير كبير وملموس على الوضع المعيشي للمجتمع؛ لأنه ربما قد يخفى ذلك على المختصين بالشأن المالي والاقتصادي عندما يشرعون لإصدار أي قانون أو قرار جديد.

الأمر الآخر الذي يُمكن أن يخفف من هذه الانفعالات المجتمعية، هو أن تقوم أي مؤسسة قبل اتخاذ أي قرار بإشراك المجتمع في صياغة هذا القرار؛ حيث ينبغي أن تكون دورة صياغة أي قانون أن يمر عبر مجلسي الشورى والدولة، وبقية المؤسسات المختصة الأخرى قبل أن يصدر أي قرار أو قانون، وهنا المجتمع لا يستطيع أن يلقي باللوم كاملًا على القرار الذي تتخذه أي مؤسسة؛ لكونه خضع للمراجعة البرلمانية، كذلك الأمر بالنسبة للتصريحات الرسمية من قبل المسؤولين يجب أن تكون حذرة من أي جملة أو عبارة توحي بوجود طريق مُظلم أو عدم تفاؤل لمستقبل أفراد المجتمع.

ختامًا.. نتمنى للمرحلة المقبلة أن تشهد مزيدًا من التفاؤل والطمأنينة وتباشير الغد المشرق الذي يحلم به كل فرد يعيش على هذه الأرض الطيبة. لذلك نقول: امنحوا المجتمع مزيدًا من جرعات التفاؤل، كما نوجه أفراد المجتمع بأهمية الحفاظ على وحدة الصف الوطني والحفاظ على المنجزات الوطنية.