احتواء الشباب

 

 

خالد بن سعد الشنفري

 

شبابنا والحمد والثناء لله وقبل كل شيء مشهود له بالاستقامة وحسن الخلق الذي تشربوه من مُجتمعهم وعادات آبائهم  العربية الأصيلة المتشربة بروح وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف التي هذبها وأقر الحميد منها وأصبحت تاريخاً نعيشه في كل خطواتنا وحركاتنا وسكناتنا في هذه الأرض المباركة بإذن الله وعلى مدى 14 قرناً من الزمن، وستظل إلى يوم الدين بإذنه تعالى، وهذا الأمن والأمان من نعمه علينا.

الشباب في أي مجتمع وأمة هم الطاقة المحركة للعمل والإنتاج، وقد استقرت النظريات الاقتصادية العالمية منذ زمن بعيد على مبدأ وقاعدة رئيسية وهي أنَّ الإنسان هو أداة التنمية ومحركها وصانعها، أي أنه بدون الإنتاج لا تنمية وبدون الشباب لا إنتاج.

الوطن أكبر من الدولة والشباب يفترض أن يكونوا نصب أعين الحكومة المتنفذة في أي دولة، إضافة إلى كافة مؤسساتها المدنية، إذا أردنا التطوير لبلوغ التطور واستدامته، لا أن  نضعهم آخر اهتماماتنا، فما هو الهدف الأساسي والرئيسي أصلاً الذي نسعى إليه من نهضتنا الحالية التي وهبنا الله مُقوماتها؟ وإلى أين سيوصلنا هذا إذا ما واصلنا على هذا المنوال؟ ولم نسعَ جاهدين لاستغلال هذه الطاقات لهذه الألوف المؤلفة من الشباب بعد أن استثمرنا فيها مقدرات دخلنا الريعي في مدارس وجامعات ومعاهد ومرافق على مدى خمسة عقود، هل ننتظر أن تنهش فيهم الأمراض النفسية والإحباط والاكتئاب لاقدر الله،  لن تكفينا بعد ذلك عشرات مستشفيات مسرات لنُعيد لهم التوازن.

لابُد من الاستنفار لإدارة واستغلال ما جنيناه حتى الآن من قاعدة أساسية في البنية التحتية من طرق ومطارات وموانئ وما تبقى من دخل ريعي من ثرواتنا الطبيعية الريعية المؤقتة واستثمار هذا الموجود المتبقي من الدخل في استغلال ثرواتنا الطبيعية المستدامة التي بدأت في التآكل أمام أعيننا، ولو كلفنا ذلك الاستدانة واستغلال ما بناه المغفور له بإذن الله السُّلطان قابوس بن سعيد من سمعة دولية لعُمان لخلق مؤسسات اقتصادية وصناعية تستوعب هذه الطاقات المهدورة، فثقوا أنَّ هذه السواعد الشابة الفتية والعقول التي استثمرنا فيها قادرة على الإيفاء ورد ما سيستدان لاستغلاله في عجلة الإنتاج، لا يحق لنا بعدما أوصلناهم إلى ما هم عليه اليوم بأخطائنا الماضية أن نتحكم أيضاً في مستقبلهم!!

نطالب أي مسؤول كبير في الحكومة أو في الشركات الحكومية أن يتنازل عن جزء من مرتباته وبدلاته على الأقل خلال السنوات الأربع المقبلة من خطة التوازن المالي لصالح صندوق يُخصص للباحثين عن عمل، إضافة لما تخصصه الحكومة ليصرف لهم مبلغ شهري يقيهم إحراج طلب مصروفهم الشخصي من آباء وأولياء أمور معظمهم قد أحيل للتقاعد من الحكومة، أو سُرح قسرياً من قطاع خاص، وأيضاً مطالبة أصحاب الشركات ورجال الأعمال الذين استفادوا من المرحلة السابقة بالمساهمة أو التبرع لهذا الصندوق وأن يعلن ذلك على الملأ للتشجيع، رغم أنَّ عشمنا فيهم كان أكبر من ذلك، بأن يوجهوا أموالهم التي راكموها للاستثمار في مشاريع كبيرة، تستوعب أعداداً من هؤلاء الباحثين الذين ضربوا رقماً قياسياً في مدة البحث عن عمل، وقد تغيرت نظرتهم حالياً عن نوع العمل ما دام شريفاً، وهذه ميزة وشرف لم ننله نحن الآباء سابقاً، ووصلت أعمار بعضهم اليوم بل تجاوزت الثلاثين عاماً؛ فرفقًا بهم فهم أمل عُمان المستقبل.

لم يعد أحدٌ اليوم منِّا حكومة وشعباً لا يلتمس سبعين عذرا لشبابنا الذين نزلوا في شوارع صحار وصلالة وغيرها من الولايات، ولا ندري ما يخبئه لنا الغد، فمُعظم النار من مُستصغر الشرر.

علينا استيعاب الشباب قولاً وفعلاً، ولا يجب أن نكتفي بتوظيفهم في مؤسسات دون حاجة فعلية لهم هناك، فهذه حلول مُؤقتة لا نريدها لعُمان الغد.