المعتصم البوسعيدي
في عالم وحشي تظل الفكرة رحلة الإنسان للخلاص والنفاذ إلى مثالية الحياة واحتمالية تغيرها إلى الأفضل رغم الواقع ومؤشراته، والسلوك وإفرازاته، والتعاطي مع الحدث وتجلياته، بحيث تأتي الفكرة على هيئة حلم، أو تأمل، أو دفقة إيجابية نُود لو أنها لا تنقطع، وعلى ذلك وقبل الخوض في موضوع رياضتنا واجب عليَّ القول- أيضاً- بأن فلسطين "فكرة، والفكرة لا تموت" وشعبها صانع الكرامة الإسلامية في عز ذلها، وأضعف الإيمان قلب صادق ودعاء رجاء بالتمكين والنصر المبين.
في بلادنا الحبيبة- يبدو أننا- استسلمنا رياضياً ورفعنا الراية البيضاء في وجه "كورونا" أو دعنا نقول قررنا التوقف؛ لنوقف نزيف الإصابات والخسائر والإمكانيات؛ فأيادينا مغلولة ولحافنا لا يكفي لتغطية أرجلنا، ولا شيء واضح إلا الانتظار،"وعيوننا مملوءة بالملح" ولم تعد لدموعنا قيمة إلا الذوبان في مشاهدة رياضة الآخرين وتنافسها المثير.
الحاضر الجميل بكاءٌ على أطلال "كانو" الذي لم تسعه رؤية المستقبل، والحاضر الجميل تفضيل للهجرة على المكوث في حواضرنا البيد؛ فقد هاجر مُنتخبنا الوطني لكرة القدم ليعسكر عند جيرانٍ ذوي زرعٍ وشجر، هجرة أولى وثانية وثالثة ولا أحد يؤمن بأننا نستطيع دونما ذلك، وحتى أبطال قوانا كسروا الأرقام في بلاد "الأورو آسيوية" وحققوا الذهب- دون تحديد القيراط- في انتظار طوكيو وما أدراك ما طوكيو، ولا ننسى أننا- بحمد لله- مستعدون لصيف الرياضة بأوج قوتنا؛ حيث فارسنا الهارب من راية الاستسلام الأسرع إلى فتحٍ قريب، ومدينة أحلام عما قريب سنعيش فيها.
إنَّ للصابرين فرج، فما لنا كيف نحكم ونفكر؟!! ستُزهر أنديتنا التي تفرغت لبناء أنفسها، وسنجمع توفير أموالنا لإعداد مُنتخباتنا الوطنية وأبطالنا الأولمبيين، والفائض منها سيُدهشنا بترقية البنية التحتية، وبفضل التوقف تجمع المنتخب الوطني لكرة القدم لمدة طويلة، وبذلك سيفهمون بعضهم البعض ويتجانسون حتى نرى "التيك تاكا" إن شاء الله، وبعد توقف عام لم نُهزم إلا من أنفسنا وقمصاننا، والكر والفر لا زال بين انتخابات وقوانين وحوكمة وتمدد وزاري سيحكم بميزانه "للخروج من قبضة الدنيا إلى سعة الحياة".
رياضتنا تمر بفترة عصيبة مثل كل المجالات، وربما أكثر شدة؛ لأنها ليست أولوية، ومع تقديرنا للوضع الراهن بكل تأكيد، إلا أننا يجب أن نخرج من هذا الشتات عبر الإيمان بالفكرة؛ الفكرة التي تضع للرياضة قيمة عالية؛ لأنها تصعد من روح الشباب التواق إلى إيجاد متنفس حقيقي للتعبير عن لغة الانتصار الرياضي (ثقيل المعيار) الذي نراه هنا وهناك. انتصارٌ نود لو نراه قريباً رغم بعده، تنصهر به سماء الطموحات وتلين معه جبال التحديات، وحتى لا نفقد الأمل سنظل نفكر بهذه الطريقة، رياضتنا "فكرة.. والفكرة لا تموت".