لا تخذلوهم مجددًا

 

خالد بن سعد الشنفري

 

الانتفاضة الأولى؛ انتفاضة الحجارة وأطفال الحجارة التي انطلقت من جباليا بقطاع غزة في ديسمبر 1987 واستمرت لستة أعوام؛ كان سلاح الفلسطينين الوحيد في وجه المُحتل هو الحجارة.

وبعد 13 عاماً اندلعت الانتفاضة الثانية؛ وهذه المرة من المسجد الأقصى عندما تصدى المقدسيون لدخول رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آريئيل شارون وحراسه إلى باحة المسجد الأقصى عام 2000 وقمع قوات الاحتلال بقسوة للفلسطينيين فاندلعت انتفاضة عارمة في كل فلسطين.

كنَّا نحن جيل من تربى على المناهج الدراسية العربية المشبعة بقضية العرب الكبرى القضية الفلسطينية نستغرب كيف مرَّ كل ذلك على آبائنا وكيف لم يتصدوا لهذا الظلم والذل والهوان ولو كلفهم ذلك حياتهم ولكن يبدو أنَّ مثلنا العربي الشهير "من شابه أباه فما ظلم" خدرنا فعشنا نتفرج على هذه الانتفاضات بعد أن صارت تنقل إلينا مشاهدها بالتلفزيون إلى غرف نومنا وحتى بعد أن أصبحت تنقل مباشرة إلى هواتفنا فردا فردا، نرجو أن لا يعيد ويتعذر أبناؤنا وشبابنا اليوم بنفس أعذارنا.

اليوم تسطر غزة العزة انتقامها لصفقة القرن صفقة العار ونقل السفارة وحي الشيخ جراح وانتفاضة شباب الأقصى  بصواريخها التي أعادت إلينا مشاعر العزة من جديد وأنارت افئدتنا بتوهج نيرانها فوق سماء غزة التي حملت كتل هذا اللهب إلى كل بقعة في إسرائيل وذكرتنا بالطير الأبابيل وحجارتها من سجيل التي شاهدنا وقع رعبها على وجوه قادة الكيان العابسة، هذه الصواريخ التي كما قال قائد المقاومة أبو عبيدة جاءت بعد جهد متواصل وعمل تراكمي لأبطال المقاومة لسنين رغم الحصار الأمني والاقتصادي طوال تلك السنين.

إنَّ أضعف الإيمان بعد الدعاء اليوم أن ندعمهم بكل وبشتى أنواع الدعم.

لقد أتتنا الفرصة مواتية اليوم كشعوب أن نقوم بدورنا ونقطع دابر "من شابه أباه فماظلم" عن أبنائنا ونكتفي بالتفرج عليهم وأن لا نخذلهم مجدداً وبذلك نعيد العزة لأنفسنا.

إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. فلابُد أن يستجيب القدر" (أبو القاسم الشابي).