المشكلة التي حركت الرأي العام

 

سالم بن علي الحجري

دبلوماسي متقاعد وعضو مجلس شورى سابق

 

على مدى سنوات النهضة المُباركة، سعى المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- إلى الاهتمام بفئة الشباب وخاصة الباحثين عن عمل، إيماناً منه بأنَّ هذه الفئة منتجة وتسعى للحصول على عمل، لكن مع مرور الوقت وتزايد التحديات الاقتصادية لضغوط دولية تتعلق بأسعار النفط، تراكم عدد الباحثين عن عمل نتيجة زيادة المخرجات الدراسية دون إيجاد الحلول المناسبة لتشغيل هولاء الباحثين والباحثات عن عمل وخلق فرص عمل جديدة والتوسع في التوظيف وفتح باب التقاعد المجزي لمن مضى فترة من الزمن في عمله.

وعلى الرغم من وجود وزارة متخصصة للقوى العاملة، إلا أنها لم تنظم سجلا دقيقا للباحثين عن العمل، ومن ثم نقل هذا الملف إلى الهيئة العامة لسجل القوى العاملة (سابقا) والتي اخرجت سجلا للقوى العاملة بـ373 ألف باحث وباحثة عن عمل، تلا ذلك تشكيل لجان محلية برئاسة أصحاب السعادة الولاة وأعضاء مجلس الشورى مع المختصين من أبناء الولايات، وخرجت هذه اللجان بسجل واضح ودقيق شمل 153 ألف باحث وباحثة عن عمل، مما جعل مجلس الوزراء الموقر يكلف المجلس الأعلى للتخطيط (سابقا) بوضع برنامج للتشغيل خلال 5 سنوات، ولم يكن الأمر واضحاً ما إذا كان هذا التكليف يهدف إلى تأجيل البت في هذا الملف أم الإعلان عن عجز هيئة سجل القوى العاملة عن القيام بدورها في حلحلة هذه المشكلة والتي أصبحت تورق الجميع، وكأنها وضعت على صفيح ساخن.

لا شك أن المجتمع بأسره متضرر نتيجة لغياب حل جذري مناسب لقضية الباحثين عن عمل، في فترة زمنية محددة ووفق برنامج عمل محدد؛ لأن الأعداد تتزايد ولابد من إيجاد مخارج ومنافذ لحل هذه المشكلة التي تتواجد في معظم دول العالم، وعلينا ألا نستسلم لها؛ فالحلول موجودة، لكنها تتطلب الجهد والإرادة والتصميم. فالعوز والفقر والحاجة والحرمان والفراغ، ستكون مجتمعة، عوامل مشجعة للانحراف الفكري والأخلاقي، وسيكون هؤلاء الشباب صيداً سهلاً للإغواء بهم، مستغلين حاجتهم للمادة، لكن علينا قطع الطريق أمام أي شخص تسول له نفسه استغلال شبابنا، وذلك عن طريق تشغيل هؤلاء الباحثين عن العمل سواء كان في السلطنة أو من خلال تفعيل اتفاقية السوق الخليجية المشتركة التي تدعو إلى خلق فرص عمل لأبناء دول المجلس من خلال توطين الوظائف في دول المجلس.

والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يسعى القائمون على ملف الباحثين عن عمل إلى حل هذه المشكلة التي أصبحت تؤرق الجميع وتستفحل سنة تلو الأخرى؟ والحل من وجهة نظري يتمثل في استيعاب الشباب أولاً ومن ثم الفتيات اللاتي لم يتزوجن ثانيًا، ومن ثم أصحاب المهن كالتعليم والطب والصيدلة والتمريض والهندسة واستيعابهم في القطاعين العام والخاص أو إيجاد منافذ لهم في الدول الشقيقة التي لديها شواغر، وهذا الأمر يحتاج لإرادة وتصميم ونزول المسؤول المختص إلى أرض الميدان، وأن يزور الشركات التي تمتنع عن تعيين العمانيين أو تسرحهم أو زيارة نظرائه في الدول الشقيقة التي تحتاج لعمالة عُمانية.

إنَّ حل هذه المشكلة يحتاج لوضع الخطط والبرامج والأنظمة والقوانين التي تشجع على التقاعد المبكر ووضع الحوافز كتوحيد نظام التقاعد أو منح شهر عن كل سنة عمل قضاها الموظف في الوظيفة لخلق شواغر وظيفية، وحصر احتياجات الوزارات من الموظفين؛ فالملاحظ أن هناك نقصاً في عدد العاملين في الوزارات كالتربية والصحة والإسكان والبلديات، فوزارة التربية تستطيع أن تستوعب لوحدها حوالي 8 آلاف حارس مدرسة و1000 في مهن التدريس كعلم النفس ومشرف اجتماعي ومعلم تربية رياضية وفنية والمعلمين الآخرين، وكذلك وزارة الصحة ووزارة الإسكان تحتاج إلى عدد كبير من الموظفين والخدمات المساندة وخاصة في محافظات وولايات السلطنة، وكذلك القطاعات العسكرية والأمنية تحتاج لعدد أكبر، وعلى المسؤولين التحرك لإيجاد منافذ خارج الوطن وتشجيع العمانيين على التمسك بالفرص المتاحة لهم في الدول الشقيقة، من خلال ضمان التقاعد وحقوق ما بعد الخدمة.

إننا هنا نناشد عاهل البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله وسدد على دروب الخير خطاه- توفير فرص العمل للشباب وحل مشكلة الباحثين عن العمل، من خلال إنشاء لجنة خاصة تقوم بمتابعة الجهات الحكومية المدنية منها والعسكرية وشركات القطاع الخاص بغية توظيف المواطنين وإيجاد فرص العمل الملائمة لهم.

تعليق عبر الفيس بوك