"من يتجرأ ينتصر"

 

المعتصم البوسعيدي

 

 

لطالما سمعنا "من يتجرأ ينتصر" وشاهدناها تخرجُ من أفواهِ قوة خاصة تمثل الوطن في شموخهِ وقوتهِ وأنفته، قوةٌ بُنيت لتتجرأ وتنتصر بالفكرِ والبدن، وعلى ذلك نمضي نحن العُمانيين نحو مُجابهة التحديات وتذليلِ الصعاب وسردِ مضامين التضحيات والفداء، مُستمسكينَ بعروةٍ وثقى بأن الإنسان "قطب الرحى" خليفة الله على أرضه؛ خُلِقَ ليُعمِرها بكل إمكانيات خَلقهِ القويم.

لقد قدَّرَ الله أن يُبتلى العالم بجائحةِ كورونا (كوفيد 19) ومرَّ في عام ما مر، حتى ظهر نور الأمل في انفراجةٍ قادمة، إلا أنه سبحانه أراد عبرة أعظم وصبراً أكبر، وإعمال عقل واتخاذ أسباب حتى يأذن بأمرٍ كان مفعولا. لذلك مما يؤسف له مشهد العالم وهو يتنافس في صُنعِ اللِقاحات، ومشهد أمتنا العربية والإسلامية وهي تستغشي ثيابها وتضع أصابعها في آذانها، وتترك كرسي الريادة لكرسي انتظار محتاجٍ ينوح "بالله يا محسنين" وجيبه مليء بالكنوزِ والمال الوفير. 

 

 

 

كل هذه الأفكار والمقدمات تداخلت في تصويرِ مشهد الكرة العُمانية، الفقيرة الغنية، المُعدمة الثرية، من سمعت ما تحب على حساب ما يجب، فلا جرأة هنا ولا انتصار هناك، "اللهم نفسي، نفسي" وأسهل القرارات عندما تبنى على "أبركها من ساعة" وأي ساعة تلك التي عبر فيها القرار زرفة بحر وصفرة صحراء؛ فأعُلن للناس الإلغاء، وخرج القوم زرافات مُرحبة حتى لا يُعرف من أراق دم الكرة العُمانية التي لا حول لها ولا قوة إلا من أوكسجين اصطناعي في غرفة العناية المركزة، ولا أدري لما الإصرار بعد على البحث عن المسبب لا السبب، والإجابة لا السؤال، السؤال: هل كانت الإجابة بالإلغاء مقرونة بالسؤال وماذا بعد ذلك؟!

القضية أعمقُ من توقفِ نشاط مهم، ومن منتخبٍ وجد نفسه النشاط الوحيد الذي يفتقر لأهم أدواته؛ القضية أننا رفعنا الراية البيضاء دون خوض المعركة، وأفرغنا الفكر من عقولٍ مُدركة، وما كسبناه من تجربة عام كامل ــ مع وضع كهذا ــ أفضى بنا إلى المهاجع، وانتظار "الدجاجة التي تبيض ذهبا" أو "حبة الفاصوليا التي ستنمو لتصلنا إلى السماء" وسنرى كيف نحصل على الكنز من قبضة العملاق، ولأي مآل نحن ذاهبون؟!

في عُمان ــ وحتى لا نذهب بعيداً ــ "من يتجرأ ينتصر" وقد تجرأ عُمان للإبحار وسط غوغاء الجائحة، فاستضافوا بطولة المصنعة المفتوحة للإبحارِ الشراعي. "من يتجرأ ينتصر" فتجرأ اتحاد الهوكي العُماني وقدم ملف السلطنة لاستضافةِ كأس العالم لخماسيات الهوكي. والسؤال هنا لماذا لم نتجرأ بتقديم حلولٍ ناجعة لاستكمال الدوري ووضع كافة الاحترازات؛ لنقنع به صناع القرار ونحن على مشارف تصفيات مؤهلة لكأس العالم؟! أم أنَّ الركون لعدم الاستطاعة والهوان الذي نحن عليه "ومد لحافك على قد رجولك" كان السبب والمُسبب، وبأن واقعنا " محلك سر" ولن يلامس شعارات براقة ومحفزة تقول: "من تجرأ ينتصر طول المدى .. من تجرأ يعتلي هام الهدى".