الحوكمة بين التنظير والفاعلية

 

عيسى الغساني

يعد مفهوم الحوكمة من أهم وأحدث المصطلحات التي ظهرت إلى ساحة العلوم الإنسانية كمفهوم يتعاطى مع تنظيم وتقنين سلوك المؤسسات والأفراد القائمين عليها والعاملين بها والمتعاملين معها.

وقبل استيعاب أي مصطلح من الضروري تعريف المصطلح، ومن ثم تحديد مقتضياته، وموجبات تطبيقه، وقياس مدى فاعلية التطبيق.

ونبدأ بسؤال: ما الحوكمة؟ ونقول إنَّ الحوكمة تعني مجموعة من القوانين الداخلية، تضعها مؤسسة أو شركة أو جمعية ربحية أو غير ربحية أو غير ذلك من الكيانات، وتكون الغاية هي تنظيم أسلوب العمل والعلاقات بين مختلف العاملين سواء رؤساء أو مروؤسين، بحيث يستمد كل عضو صلاحياته من القانون والجميع مؤتمنون علي أعمال وتطبيق القانون.

أما فيما يتعلق بمقتضيات الحوكمة، فلوضع نظام حوكمة فاعل يقتضي الحال إعمال خمس قواعد وهي ماذا ومن ومتى وكيف ولماذا؟

فمن تعني؟ ومن هي الجهة التي يؤكل إليها هندسة نظام الحوكمة؟ وهنا عدة محاذير من الأهمية بمكان وضعها في الاعتبار عند وضع نظام الحوكمة؛ وأهمها على الإطلاق: تكليف جهة ذات اختصاص ودراية بهندسة نظام الحوكمة وذات خبرة دولية، وعدم تكليف أفراد من داخل الجهة لثبوت فشل ذلك من الواقع.

أما وقت إنشاء نظام الحوكمة، فنشير إلى أنَّ كل منظومة يقتضي قدرتها على العمل الناجز الفاعل، أن يكون لديها نظام حوكمة شفاف مُتاح لجمهور المتعاملين معها. وعدم وجود النظام وعدم نشره يعني قصوراً في الشفافية ونقص في المشروعية، ويعطي مؤشرًا بأنَّ الرؤساء لهذه المؤسسة أو الشركة أو غيرها من الكيانات غير مهتمين أو غير ملتزمين بمقتضيات الحوكمة؛ وهو سلوك له تبعات سلبية كثيرة، من نقص الإنتاجية وعدم القدرة علي الاستدامة.

لكن كيف يوضع نظام الحوكمة؟ الحوكمة هندسة للسلوك الإنساني، وفريق العمل لابُد أن يكون متنوعا من قانونيين وعلماء اجتماع وغيرهم من المتخصصين، ذوي الصلة بعمل الكيان الاجتماعي أو الاقتصادي أو المالي أو غير ذلك.

إذن لماذا الحوكمة ضرورية؟ هنا نؤكد أنَّ الحوكمة غاياتها الإصلاح المستمر والتطوير الدائم وتصحيح الأخطاء للوصول إلى أقصى إنتاجية مستهدفة بما يتماشي مع الخطط المرسومة.