عندما يتحدث "فاشل"

 

عائض الأحمد

من منِّا لم يشعر يومًا بأنه أخفق في تحقيق أمنياته وما كان يصبو إليه؟ من منِّا شعر يومًا بمرارة إخفاقه وتعثر خطواته؟ من منِّا جلس وحيدًا وأخذ يلوم نفسه ويتساءل: لماذا أنا (فاشل)؟ ثم يقارن بين أقرانه ورفقاء دربه وتزداد آلامه: هل كل هؤلاء أفضل مني؟ هل هم أكثر ذكاء؟ هل..؟ وهل..؟ وهل...؟ ويظل صامتا يحدث نفسه دون أن يستشعر لحظة فاصلة بين هذا الشعور وخيبة الأمل وما يملك من قدرات قد لا يَملكها غيره، ولكنه يُعطلها ويحول بينها وبين وثبته عمل قادم.

كنت يومًا أسأل مجموعة من طلاب إحدى الجامعات العربية في لقاء خارج أسوارها: من تعتقدون أنَّه (الفاشل)؟ فكان الغالب في إجاباتهم أنه من لم يستطع اجتياز اختبارات الجامعة، ومرت عليه أكثر من سبع سنوات دون أن يُنهي دراسته. ولفت انتباهي أحدهم، وظل صامتاً، فسألته مُباشرة: لماذا لم تنه دراستك إلى الآن؟ فقال: أنا في نظر كل هؤلاء فاشل، والحقيقة أنني أعتقد أن أغلبهم (قمة الفشل)، أنا أعول أسرة مكونة من ثمانية أشخاص بعد وفاة والدي، وأعمل يوميًّا، ولدي مشروعي الخاص، والحمد لله قد لا أجد الوقت الكافي، ولكن أنا أعمل منذ  صغري، وأحاول أن أُكمل تعليمي، ولن أستسلم لنجاح أو رسوب في مادة أو إعادة فصل دراسي كي أنتظر حُكماً من أحد، أنا أعلم ما أريد، وسوف أحققه يومًا ما بالصبر والإصرار وعدم اليأس، أنا أعيش كما أرى وليس كما يرون، دعهم يقولون فأنا لديَّ قناعة كاملة بأنني أعمل وسأظل إلى أن أحقق هدفي.

كانت إجابته بالنسبة لي ولزملائه مُذهلة، جعلت الجميع يحترم شجاعته وفكره ونضاله، وقدرته على تغيير اعتقادهم الخاطئ إلى درس يتعلم منه الكثير.

"الفاشل" هو من يعتقد أنه كذلك فعلا، ويسلم أمره للحظة ضعف الحياة ليست يوماً أو يومين، تحدِّد فيها ما تريد.. إنها أكبر من ذلك بكثير، ليست فرصة ضائعة وقد لا تعود إن ذهبت، اليوم عليك بها، غدا وإن لم تأتِ غدا فذهب لها بكل قوة بعد غد، إنها الحياة يا بني لن تقف أبدًا.

الحياة مليئة بسِيَر عظماء غيروا العالم، وما كان أحدٌ يعتقد أنَّ ذلك قد يحدث ولو أردنا أن نأتي على ذكرهم لما أتينا بجديد حتى وهم يسألون عن ذلك لن تجد إجاباتهم غير متوقعة، أو تخرج عن المألوف، وما اعتدنا عليه، ولكن الفرق هو المثابرة وعدم اليأس.

--------------------

ومضة:

امضِ قدمًا فأنت الوحيد الذي يعلم ماذا يريد

ثم ذكِّر نفسك دائمًا بأنك ستصل

--------------------

يقول الأحمد:

لستُ بحاجة للقوَّة دائمًا، فقد يكون ضعفك سبيل قوتك لما هو قادم!