كرة القدم العمانية.. تحتاج للعناية المركزة

 

أحمد السلماني

منذ أن وعيت على الكرة في بلادي، بالحواري، والشواطئ، والفرق، والأندية، والمنتخبات، لم أعهدها بهذه الفوضى، فوضى تعم كل مفاصلها، هدْم لبناء كبير، نراه يتداعى عيانا، وبمعاول عمانية خالصة.

*****

سبعينيات القرن المنصرم.. كانت صَعبة، والنتائج كارثية، لكنها طبيعية، عبدالأمير عباس كان يتلوى في عرينه، شباكُه تهتز بقسوة، لكنه سريعا ما كان ينهض، يومها كنا لا نزال نتلمس الطريق، كان كل شيء ينمو بعرق الإخلاص والتفاني وحب عمان.

*****

الثمانينيات.. المشهد مُستمر، رغم أنَّ أسدا آخر كان يحرس العرين، لكن الأرقام القاسية كانت تتقلص يوما بعد يوم، سليمان خايف وزملاؤه كانوا أفضل تنظيما، المسابقات المحلية كانت مثيرة وقوية، انتشار وتوسُّع لقاعدة الأندية والفرق الأهلية، الكل يركل الكرة في مكان.

*****

النصف الثاني من الثمانينيات، المنتخب يُجاري أقرانه، بِتنا نخسر بصعوبة، يوسف عبيد أفضل حارس في الخليج، بداية نشوء قوة كروية آسيوية، "فنجاء" العريق يكسر حاجز الخوف ويتوج بالخليجية، ثم رابع الأندية العربية، المنتخبات الأخرى تعاني أمام الأحمر.

*****

التسعينيات، اهتمام بالفئات السنية، نواة لمنتخب ناشئين، صدم آسيا والعالم، رابع العالم، محمد عامر هداف وأفضل لاعب في العالم، الأرجنتين للناشئين يلعب بخطة دفاعية أمام المد الهجومي العماني، المنتخبات الخليجية تلعب أمام الأحمر العماني بحذر، الناشئون يبهرون العالم بكأس العالم بمصر، نادي عمان وصيفا لآسيا.

*****

الألفية.. بناء الفئات السنية أفرز "الجيل الذهبي" للكرة العمانية، عمان تتفوق على كوريا رابع العالم وتتأهل للنهائيات الآسيوية، الأحمر وصيف "خليجي 17" و"خليجي 18" ويحرز كأس الخليج لأول مرة في تاريخه، للأحمر هوية، "برازيل الخليج وسامبا الليج"، انتشار واسع للملاعب الخضراء بالأندية والفرق الأهلية، احتراف بالجملة للاعبينا، تنوع كبير في الإعلام الرياضي.

*****

العقد الثاني للألفية، علي الحبسي "براند" وفخر صناعة الكرة العمانية، يتألق في البريميرليج وأوروبا، لاعبو الأحمر مطلوبون في الدوريات الإقليمية، الأحمر كان قريبا جدا من التأهل لكأس العالم 2014، الإعلان عن دوري للمحترفين لأول مرة بالسلطنة، الإعلام الرياضي يرتقي ويتوسّع، مسموع ومقروء ومرئي، فهم خاطئ لمفهوم الاحتراف واجتراء عليه والنتيجة أندية مديونة، ظالمة ومظلومة.

*****

عهد الاتحاد الحالي، منتخب يحرز "خليجي 23" ويخرج من الباب الضيق في "خليجي 24" (الفرق بين مدرب جاء وفق قناعة المجلس وواقع الحال وآخر "نزل بباراشوت"، مسابقات هزيلة حبلى بالتجاذبات والقضايا وروزنامة غير مستقرة المواعيد، تأجيلات وإلغاء، "كورونا" شماعة للفشل، أندية تجِّمد نشاط كرة القدم، أندية تنسحب من الدوري والكأس (رقم غير مسبوق)، غياب لدوريات الفئات السنية دون إيجاد خطط بديلة رغم توفرها، لا دوري للصالات والشواطئ، قرارات ارتجالية تحت بند ردّات الفعل، أندية تتنمر على اتحاد الكرة.

*****

النتائج بعد 50 عاما كما أتوقعها وحاسبوني عليها بعد 4 سنوات "إذا ربنا مد في العمر"، مسابقات ضعيفة وبالتالي منتخبات ضعيفة وأندية بقدرة تنافسية ضعيفة، الصعود لكأس العالم أضغاث أحلام، عودة لمربع النتائج الكارثية، التخلُّف عن ركب المنتخبات المتطورة قاريا، وأد للمواهب وغيابها، وتقلص القاعدة؛ وبالتالي العودة إلى "الهرم المقلوب".

*****

وجهة نظري ولا أحملها على أحد، يمكن تفادي ذلك بالتعويل على الأندية المتزنة إداريًّا، والمسؤولة والمتجرِّدة من المصالح لجلب قائمة من "كفاءات الإدارة الرياضية" لدخول الانتخابات المقبلة، وإعادة ترتيب بيت الكرة العمانية وفق الأولويات والمقومات المتوفرة التي نمتلكها من كوادر فنية وبنية أساسية من مجمعات وملاعب للأندية والفرق الأهلية، وعلى كل من أسهم في هذا الوضع اليوم مغادرة المشهد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. يجب أن تكون لدينا رابطة دوري كرة قدم مستقلة ماليًا وإداريًا، كيان اعتباري يضم كذلك رابطة لللاعبين ورابطة للحكام لضمان حقوق الجميع؛ أندية وأفرادًا.