إلى متى تستمر مثل هذه التصرفات؟!

سالم بن لبخيت كشوب

sbkashooop@gmail.com

 

(1) التركيز فقط على رأس الهرم

البعض يطمح للوصول إلى أعلى مراتب الإنتاجية والكفاءة في العمل، ولكن ما قد يُعيق تحقيق هذه الطموحات والرغبات هو عدم توافر الأدوات اللازمة لذلك، وحصرها في فئة دون أخرى؛ وبالتالي العمل مرغما وفق الإمكانيات والصلاحيات المتوفرة، حتى وإن كانت أقل من المستوى المطلوب؛ وبالتالي تنفيذ مخرجات يتحمَّلها واضع وراسم الخطط؛ لأنه لم يوفر القدر الكافي من الأدوات الممكنة للانجاز، قبل أن يضرب بسوطه للمقصرين فيما يرغب بالوصول إليه.

هنا.. ليست المُشكلة، المشكلة الكبرى عندما يُشار دائما بالبنان إلى فئة دون أخرى، وكأنها مضرب المثل دائما في الإنجاز والتميُّز ليس لكفاءتها، وإنما لتوافر كل الإمكانيات والسبل لإنجاز المطلوب حتى ولو كان بشكل تقليدي يفتقد للابتكار والسهولة، والابتعاد عن النمط التقليدي السائد كأنه جهاز حاسب آلي مُبرمَج على نظام وآلية معينة، واعتبار الطرف الآخر مقصرًا، يفتقد للرغبة في الإنجاز، وتحقيق الأهداف المرسومة؛ وبالتالي هُنا تظهر قيمة القيادة في الوقوف أمام هذه العنجهية المتسلطة التي لا ترى إلا غيرها، والفئة المرضي عنها لتوفير احتياجاتها دون الاكتراث بالآخرين؛ فقبل أنْ تُحاسب لا بُد أن تكون منصفا، وتوفر الأدوات الممكنة التي من خلالها تستطيع المحاسبة، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب في العمل، وربما من الأسباب التي تؤدي إلى استمرار مثل هذا النوع من الإدارات التي تركز فقط على تضخيم نفسها، وأنها فقط التي لا بُد من تسليط الضوء عليها هو الأنا الشخصية، وعدم الثقة بالنفس، وتعويض بعض أوجه النقص من خلال تسخير كافة الأدوات لإظهار المؤسسة أو الجهة؛ من خلال مسؤول واحد دائما كأنه الأوحد، والذي يُنجز ويعمل كل شيء، وهنا لابد من وقفة حاسمة من الأطراف ذات العلاقة أكل عليها الدهر وشرب، وإعطاء الجميع "one man show" بتقييم عمل مختلف الجهات بأنَّ الفرصة وفق آلية واضحة تتيح المجال للمنجز فقط، وليس إجراءً روتينيًّا لا يستند إلى أسس أو نظام واضح علمي مُقنِع للجميع، وليس التركيز فقط على رأس الهرم في كل جهة، أو الأعمال الروتينية التي تقع ضمن اختصاصات ومهام أي  جهة، وإغفال الجانب الإبداعي والإنجازات التي من المفترض أن تكون ضمن أجندة أي جهة في خططها وبرامجها.

 

(2) سياسة الباب المغلق

هل لا بُد من انتظار اللبن المسكوب حتى تُشحذ الهمم، ويتم إعلان الطوارئ في أي جهة عندما يتم عمل هاشتاق أو حديث أحدهم لوسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود تجربة سيئة لدى إحدى الجهات، وعدم القدرة مرارا وتكرارا على الوصول إلى متخذ القرار من أجل إيجاد حل لمشكلته ومعاناته؟ لماذا دائما الخوف من مواجهة المسؤول في أي جهة بالسلبيات الموجودة ورسم سياسة وردية، وأنَّ سياسة وإجراءات العمل تمشِي على خير ما يُرام؟ وأين دور مُتَّخِذ القرار من الزيارات الميدانية وليس الاكتفاء فقط بالتقارير المرفوعة، وحكر نفسه ووقته على فئة معينة تُعِيشه في خيال من الإنجاز والتميز؟ هل إعطاء الصلاحيات وتفويض بعض المهام التي تساعد في تسيير العمل يُقلل من هيبة ومكانة المسؤول؟ أم لا يزال تفكير فئة منهم أن هيبته ومكانته مُستمدة من كرسي المنصب الذي يجلس عليه؟ وسوف يفقد الكثير من تلك الهيبة والحضور عند تَنازله عن بعض الصلاحيات التي بالأساس سوف تُزِيل عن كاهله أعباء كثيرة وجهدا ووقتا من المفترض أن يخصِّصه لأعمال وخطط وبرامج أخرى تقدم الإضافة بدلا من انشغاله بأعمال روتينية بإمكان أي موظف القيام بها، طالما أعطيت له صلاحية الإنجاز، ووفق نظام ومسار عمل واضح وسلس؟!

 

(3) اتخاذ قرار وليس تشكيل فرق عمل

من الأمور المُحبِطة التي أصبح المتابع يسمعها بشكل متكرر لأيِّ قضيةِ رأي عام أو موضوع يمس فئة من المجتمع حتى لو كانت متكررة؛ هو: تشكيل لجان وفرق عمل لا تُحدد لها فترة زمنية محددة، وينتظر المتابع لتلك القضايا اتخاذ قرار وليس حلًّا مؤقتا بتشكيل فرق العمل، وربما تستمر تلك الاجتماعات لسنوات أو تُرفع كمقترحات وتوصيات ولا يتم معرفة ما هي المقترحات المرفوعة، ولا يُشاهد أي قرارات معلنة؟! وعندما يتغيَّر المسؤول أو يتم تكرار الحديث أو النقاش أو يطفو على السطح موضوع قديم حديث، تكون التصريحات بأنَّ الحل في تشكيل فرق عمل لمناقشة ورفع المقترحات، ليتكرر نفس المشهد، وكأنه سيناريو معتمد لا يمل منه متخذ القرار؛ للهروب من دوامة إيجاد حل أو الابتعاد عن مسؤولية، وتبعات ما قد يتخذه من قرارات.

فهل نُشاهد قريبًا نهاية المشهد المتكرِّر أم سيظل متواصلا إلى ما لا نهاية؟