حمد بن سالم العلوي
اليوم.. تُكمل الحرب على اليمن عامها السادس، وغداً ستدخل عامها السابع، والمأساة مستمرة بلا كلل ولا ملل، ففي السنوات الأولى كانت المأساة يتحملها اليمن وحده، ولكن بمرور الأيام ستصبح المأساة على شبه الجزيرة العربية بأكملها، وذلك بعدما أضحى اليمن يمتلك قوة لتوازن الردع، والمتضرِّر الرئيس هم العرب وحدهم، والمستفيدون كُثرْ من وضع كهذا.
لكن العرب ليسوا من المستفيدين، وإنما نصيبهم ينحصر فيما ينالهم من دمار وخسائر بشرية ومادية، والسبب في ذلك "عُتوهٍ مزمنٍ" أصاب عقول المغرورين بأنفسهم وأموالهم، والتي أمست مُسخَّرة لخدمة الأعداء.
ولا أستبعد أنْ يكون هذا الهوس في التدمير وقتل النفس التي حرم الله، أن يكون هؤلاء المهوسون بالحروب والدمار، أنهم قد غيَّروا عقائدهم سرًّا عن عقيدة الإسلام إلى عقيدة أخرى تؤمن بوجوب سفك دماء الأجناس الأخرى، عدا الجنس الذي تنتمي إليه، والذي يزعم زوروا نقاء عنصره، وأنه العنصر السامي الوحيد، وما عداه وجب تقديمهم كقرابين.
... إنَّ الطامة الكبرى التي وقعت على الأمة، تتمثل في طغيان بعض المسؤولين من فئة الصبية المغمورين بهوس الزعامات الكبيرة، وأنَّ هناك بعض البشر في هذا الوطن العربي يؤمنون بأن هناك أولياء أمر لهم قدسية عليهم، ويؤمنون أنه لا رؤية لهم إلا ما يرى ولي الأمر، ولا يجوز لهؤلاء المغلوب على أمرهم الخروج على هذا الإنسان المقدس، وعليهم الخضوع والطاعة العمياء له، وإن أكل مالهم وظلمهم، أو دنَّس عرضهم، وإن فعل بهم ما فعل من الكبائر فهو حر بما يفعل.
إذن؛ هي طاعة تتعدى طاعة الله عز وجل، وحاشا الله العزيز القدير أن يذل مخلوقاً خلقه، وإن كان خَلَقَه لطاعته وعبادته، ومع ذلك فقد كرمه وأعزه، وقد امتدح هذا المخلوق -أي الإنسان- وأكد تكريمه، حتى صار التنافس أمام الله بالتقوى، وليس بالإذلال والتحقير، كما هي الحال مع بعض العرب للأسف الشديد.
لقد دمَّر الطغاة بلادا عربية كثيرة، وما زالت وتيرة التخريب والتدمير مستمرة، فالغرب يرسم الخطط التدميرية وأدواته ينفذونها دون تردد أو رحمة، أو خوف من الله، فقرر الغرب أن يُشعل طاحونة المذهبية والطائفية، فتقبلها العرب واشتغلوا عليها بحرفية وإخلاص منقطع النظير.
وإذ نركِّز اليوم في هذه المقالة على الحالة اليمنية، فنقول -وعن قناعة تامة، ومن واقع المعايشة لحرب جائرة ظالمة على هذا الشعب الجار الشقيق- إنَّ واقع الحال يقول إنَّ الذي صمد على مدى ست سنوات قاسية ظالمة، لديه القدرة على أن يصمد ست سنوات أُخر، ولن تنهار قواه، بل ستزداد قوته ووسائله أكثر فأكثر، وإن خصومه في الحرب لن يقووا على ما قوي عليه اليمن، وإن الحجج التي يتحجج بها خصومه لم تعد متقبلة، وإن العالم مقبل على متغيرات كثيرة، قد تكون في صالح اليمن، وليست في صالح الخصوم، وإن الطمع في ثروات اليمن وموقعه الجغرافي ليس باللقمة السائغة.
لذلك نقول للذين خططوا للحرب على اليمن من أجل وضعه في حكم الطاعة العمياء، فقد أثبتت الأيام والسنوات الماضية من السجال في الحرب، أن الأمر مختلف جداً عمّا صُوّر للعالم في بداية الحرب، وذلك أن الأمور ستكون تحت السيطرة في غضون أسبوعين بالكثير!
لذلك؛ يجب أن يحكّم العقل والمنطق، وأن ترفع اليد عن اليمن فوراً، وأن يترك وشأنه للعقلاء فيه، فهم جديرون بحل مشكلة الخلاف فيما بينهم، وبما يرضي جميع أهله، وبمن يختارون ليحكمهم أو ليساعدهم في التوفيق والمصالحة فيما بينهم، ولن تكون هناك معضلة في التوافق على الحلول الناجعة، متى ما توقف التدخل الخارجي في شؤونهم الداخلية، فهلَّا قبل العرب بوقف تدخلاتهم ضد اليمن؟! اللَّهُمَّ انصر الحق على الباطل.. وعاشت اليمن وكل بلاد العرب حرة أبية.