تأجيل ضريبة القيمة المضافة

 

د. خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

لا حديث يعلو على حديث ضريبة القيمة المضافة، ضجيج هنا وهناك، همسات خجولة من البعض، وحياة ضبابية تتخيلها شريحة كبيرة من المواطنين والمقيمين مبنية على أسس ووقائع ظاهرة للعيان من ارتفاع الأسعار وضيق المعيشة.. كُتَّاب ومحللون كُثر أوضحوا عدم استعداد الجمهور بشكل كافٍ لهذه الضريبة، وأن الخسائر أكبر من الفوائد التي ستجنى منها، فطالبوا بإلغائها أو تأجيلها.

ومن واقع متابعتي للموضوع، أرى من الضرورة القصوى تأجيل هذه الضريبة حتى إشعار آخر، فالناس يكفيها ما تواجهه من صعوبات معيشية في كل جوانب الحياة. ألا يشعر المسؤول والقائم على هذه الضرائب أن هناك خوفا واضحا لدى الناس من هذه الضريبة؟ ألا يهمه المواطن وما يعانيه؟ ألسنا نعيش كالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسم بالوهن والتعب؟ أليس المواطن هو محرك التنمية وصانعها؟ ما الجدوى من فرض هذه الضريبة التي سترهق كاهل الوطن بأكمله؟ ألم نتعلم من الدول التي فرضت هذه الضريبة؟ ألم نقرأ عن خطورة الاستماع إلى صندوق النقد الدولي الذي يفرض على الدول تطبيق مثل هذه الضرائب مهما كانت غنية؟ ألم يسمعوا ما تسبَّب فيه الصندوق من أزمات طاحنة في الدول الفقيرة؟ ألم نستمع للمحللين الاقتصاديين الذين أوضحوا خطورة هذه الضريبة وتسببها في الركود الشرائي والتجاري والاقتصادي؟ ألم نتعلم من درس رفع الدعم عن المشتقات النفطية؟ أين أموال هذا الدعم؟ وماذا فعلنا بها؟ وما المشاريع التي تم تنفيذها بأموال رفع الدعم عن المشتقات النفطية؟ وفي جانب آخر: هل سمع المسؤول أنين المسرحين والباحثين عن عمل، وآهات الذين زُج بهم في السجون نتيجة ما فعله كورونا فيهم؟

الدولة بمواردها الطبيعية والصناعية والخيرات العديدة التي تملكها من موانئ بحرية ومطارات ومعادن وثروات زراعية وسمكية ومقومات سياحية وغيرها، وما فرضته سابقا من رسوم كثيرة على الجمارك والأراضي والسيارات والمأذونيات والتراخيص البلدية والشؤون الفنية من إباحات وغيرها، كل ذاك كفيل بأن يجعلها تستغني عن النظر إلى هذه الضريبة؛ فالمواطن أرهقته الديون والبنوك وفواتير الكهرباء والماء والاتصالات والتعليم وأقساط السيارات ورواتب العاملات في المنزل وبناء بيت العمر ومصاريف الحياة الباهظة والالتزامات الأسرية المرهقة والتكاليف الصحية...وغيرها ، التي تعصف به عصفا، إلى جانب ما يمر به الموظف من توقف الترقيات منذ سنوات وقضية المسرحين التي أرهقت أسرًا كثيرة، وقضية الباحثين عن عمل التي تسبب الصداع الشديد لرب الأسرة، بعد أن قدم الغالي والرخيص لتعليم أولاده.. قضايا كثيرة يُفترض أن تدفع المسؤول لكي يفكر مليون مرة قبل تطبيق هذه الضريبة التي سوف تزيد من متاعب المواطنين.

أرجو من كل الكتاب والمفكرين عدم الترويج بأن ضريبة القيمة المضافة لا تمس الجوانب المعيشية المهمة في الحياة والتي من أهمها (الأرز والطحين والسكر)؛ فالحياة ليست مأكلًا فقط، كما أن هذه المأكولات لم تعد رخيصة كما كانت سابقا.. إننا بحاجة أيضا إلى الاتصالات والإنترنت؛ وهي من الاحتياجات التي لم تعد كمالية، ونحتاج المشتقات النفطية بأنواعها؛ وهي ليست كماليات أيضا، وبحاجة ماسة للكهرباء والطاقة والتي لم تعد كماليات، وأناس كثر بحاجة إلى بناء بيت العمر، ومواد البناء والمواد الصحية ليست كماليات.. أمور كثيرة كنا نعدها كماليات أصبحت الآن أساسيات.

... إنَّ ضريبة القيمة المضافة ستُرهق جيوبنا وستضر بمصالحنا ومصالح الدولة أيضا، وستعاني أسواقنا المحلية من ركود وتراجع ملحوظ في القيمة الشرائية؛ لذا نناشد ونخاطب الجانب الإنساني لدى الجهات المعنية لتأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة، واختيار الوقت المناسب لها بعد أن نتجاوز المرحلة الحالية، فالوقت غير مناسب ويكفي ما نواجهه بسبب جائحة كورونا.. ودمتم ودامت عُمان بخير.