التوازن الرياضي

 

المعتصم البوسعيدي

في خضمِ مرحلة البحث عن التغيير والتطوير، نجد الأحداث تفرض كلمتها على الجميع، فالقائدُ لا ينظر لحلمٍ واحد، والمسؤولُ يرى بعيونٍ مُتعددة، والمجدونَ يعبرون النهر إذ يُقال لهم، والمتطلعونَ يرسمونَ الأماني وينتظرون أن يُحدِث الله سببا؛ ثم ينتفضون بين ألم وأمل ولا شيء في الطريق إلا "دراما" متكررة يرتفع فيها سقف الطموح، ويسقط على واقع هش لا يُعلم متى يتقوى ويصير صلداً ثابتا.

مقدمةٌ يُمكن إسقاطها على واقِعنا الرياضي؛ فأين نحن؟ وماذا نريد؟ وإلى أين نمضي؟ لا نجد الحلول؛ لأننا لم نجِد بعد تحليل مشكلاتنا. لا نجد الحلول؛ لأننا -في اعتقادي- يجب أن نبحث عن الأسئلة لا الإجابات. لا نجد الحلول؛ لأننا من الأهمية أن نجعل من المبررات تحديات لا تنطقها ألستنا، ولنكف عن محاربة الماضي وصراعاته، ونمزق صكوك الوصاية والغفران، نريد توازنا يحمل صورة واضحة لتطلعات الرياضة في عُمان العظيمة.

اليوم.. يقود الرياضة في البلاد نجل عاهلها، وولي عهد سلطانها، وأيقونة الشباب وتطلعاتهم، ولا نريدُ أن نقفز إلى حواجز بعيدة مُغلفة بالأحلامِ الوردية الموضوعة في كف صاحب السمو الموقر؛ لأننا نعلم "البئر وغطاه" لكن لا يمكن -أيضاً- الحديث المُطلق عن ضعف الموارد، وقلة الكفاءات، وقصور اليد، فلقد جُبلنا على الريادة؛ كوننا أصحاب إرث وحضارة، فحتام تقعدُ رياضتنا في الصفوف الأخيرة؟!

لا أودُّ أن اُناقض نفسي في طلبِ "المستحيل" إنما حتى لا نغرق في ضوضاءِ السمع، وعتمة الخروج، نحتاج توازنا حقيقيا يُعيدُ رسم مساراتِ الرياضة عبرَ حزمة عمل مُتحققة؛ فملاعبنا صماء جوفاء يجب أن تُستنطق، وأنديتنا تُعاني وتحتاجُ دعما حقيقيا مُعززاً بالثقة، ثم تُحاسب إدارتها فيما بعد، كما يجب تقوية جمعياتها العمومية وجمعيات اتحاداتنا ولجاننا الرياضية التي يقع عليها بناء كياناتها المُبدعة وتفكيرها الخارج من صندوق التقليدية، ولن يتم هذا الأمر دون تشريعات وقوانين وتوعية ممنهجة ومدروسة.

التوزانُ كفة راجحة تتوق لها نفوس طامحة، ورياضتنا يجب أن يكون ميزانها راجحا باعتبارِها مُنتجا ثمينا يحتاج لاستغلالٍ أمثل، ولا يمكن -بأي حال من الأحوال- المضي بها إلى مآلات الاستثمار الكبير بالركونِ لتشخيصٍ أُحادي، بل بشورى الأمر وحسن الاستماع وتجديد الفكر وتقبل النقد لفهمِ مشكلاتنا وتحدياتنا، وليقف المسؤول عن الشرح فتلك سنن انقضت، وحان تجاوزها بالأفعال لا الأقوال، وبتلمسها لا بمجردِ رؤيتها بعدساتٍ مُكبرة، وما أحسن الصراحة التي تعقبها راحة حتى لو كان المُر مذاقها، وما أجمل أن نُعيد وضع النقاط على الحروف بالبحثِ في دفتر المكرمات السامية، وصفحات مراكز صناعة الأبطال، ولنرَ سياحة الرياضة مع تنوعنا الجُغرافي، ولنجد النجوم في غير "المستديرة المجنونة"، ولنحمِ تراثنا الرياضي بتوازن الإنفاق، ولنهجع عند الفوز دون وعود، ولنظهر عند الخسارة دون قيود.

أقول قولي هذا، ولا أعلم أهو التوزان، أم الإسراف بعينه؟! أم أنَّ ميزاننا تنقصه "رمانته"؟!!