"البلوجر" والارتقاء

وداد الإسطنبولي

كلمة صغيرة في كتابتها، كبيرة في مفهومها، عميقة بنتائجها الإيجابية والسلبية منها، كلمة تتردد كثيرا، وتحوم حولها فقاعات كثيرة، تتبلور بلون قوس قزح الزاهي، نركض كالقطيع حولها فضولا للمتابعة والمشاهدة وإن كنا لا تعجبنا بعض الطباع والألفاظ في بعض الشخوص الكرام.

ولكن تبقى هناك علامات استفهام كبيرة حولها، فيما حققه ويحققه هذا البلوجر أو الفاشينيستا -كما يقولون- لنفسه ولمجتمعه؟ ولا أدري هل الكلمتان اختان أو تتشابهان في العمل المراد به أم لا.

ثقافة الارتقاء حسب عطاء المقدم لها بسمو ارتقائه، وحسن تأديته وفهلوته، لا تحتاج إلى دراسة أو تعليم، وتتناسب مع كل الفئات طفلا كان أو يافعا أو بالغا، لأنها لا تحتاج إلى صقل مواهب مكنونة، وإبداع فكر متقد، ورقي في الأسلوب، وبلاغة في الملافظ، أيًّا كان الموضوع طالحا أم صالحا، وبالتالي تجد الكثير يفهمونها بطريقة مغلوطة، هذه الكلمة التي يركض إليها الجموع واستفاد منها البعض.. فهل هي مجرد هوس، أم مصدر عيش للعاكف في زوايا البيت يبحث عن قوته؟

فإنْ كان من أصحاب الشطحة والنطحة للشهرة، فيؤسفنا أن نتاجه بجنون التواصل الاجتماعي، سيزداد زخرفة وبريقا كاذبا. وإن كان عكس ذلك، فيا حبذا تأخذوا الأمر بأسلوب متأدب، وبطريقة فنية منقوشة بحروف جمالية.

فأنت أيها "البلوجر"... اعلم أنك الصورة التي تنقل للعالم وضوح الرؤية، فإن كان الدرب مليئًا بالشوك فلا تُزِده شوكا، وإنما انثر الورود اليانعة التي يستوعبها المتلقي، ويعرف خطأه دون إحراج له، وأصلح أنت الأمر بذلك الأداء البارع الذي وهبك الله إياه، ليتسنى للآخر الإصلاح، وإن كان دربه مُنعَّما، فآثر النعمة وأظهرها.

أيُّها "البلوجر"... حقِّق دخلك عن طريق ما تشغف به نفسك بسلاسة، واكتشف مهاراتك لتعرف جمهورك، اكسب العالم بلباقة وفن الحوار الهادف، وحقق مكاسبك المادية عن طريق الصدق والأمانة المهنية.

نعم.. اصنع الخير؛ فالعالم يحتاج إلى صوتك داخليًّا وخارجيًّا.. وستكبر وستشتهر وستلمع ليس بعدَّاد الأرقام وإنما بالارتقاء، وهذا يتأتى -كما أسلفت- عن طريق الأمانة في القول والفعل.

ومِمَّا يُؤسف له أنَّ تدهور هذه الكلمة، لتُصبح وراء متطلبات زائفة واستخدامها بنزعات نفسية وشخصية، ليس لها هدف ولا إنجاز؛ فالرجاء الرجاء -لعله يتحقق الرجاء- اعطوا هذه الكلمة حقها في جمالها وحيويتها؛ لأنها تعطيكم الكاريزما التي تنبع من خلالها.

--------------------------

(1) الفاشينيستا: شخص يتماشا مع الموضة، ويختار ملابسه حسب صيحات الموضة وينسقها.

(2) الفهلوة: الذكي خفيف الظل.

تعليق عبر الفيس بوك