"بلومبرج": قرار إماراتي يهدد "أوبك بلس" وأسعار النفط

الرؤية- نجلاء عبدالعال

صدع قد ينمو بقوة فيهدد تحالف الدول المصدرة للنفط من أوبك وخارجها والمعروف بـ"أوبك بلس"، وهذا الصدع لا يتعلق بالخلاف بين السعودية وإيران، ولا الجدل حول فشل العراق المتكرر في الالتزام بسقف الإنتاج بموجب اتفاق الإنتاج الحالي، لكنه يتعلق بقرار الإمارات العربية المتحدة، ثالث أكبر منتج في مجموعة أوبك بلس، بالسماح لمشتريها الأصلي بتداول خامها النفطي في السوق المفتوحة، وهذه مبادرة يقول محلل النفط المخضرم فيليب ك. فيرليجر "يمكن أن تضعف أوبك وتحالف أوبك بلس" في نهاية المطاف.

وحسب التقرير المطول الذي نشرته وكالة بلومبرج الإخبارية، فإن كبار منتجي أوبك في الخليج -المملكة العربية السعودية والعراق وإيران والكويت والإمارات العربية المتحدة- حتى الآن، يبيعون إنتاجهم النفطي بشروط صارمة تحدد مكان تسليمه وتمنع إعادة بيعه بواسطة المشتري الأصلي. وهو ما منحهم القدرة على تغيير الأسعار التي يفرضونها في أجزاء مختلفة من العالم، اعتمادًا على ظروف السوق المحلية، ولزيادة عائداتهم، ويمكنهم في حال عدم التزام المشتري بهذه الشروط استبعاده من عمليات الشراء المستقبلية.

ومع إزالة الإمارات لهذه الشروط في بيع نفطها، فإنها تتنازل عن هذه القدرة على التحكم في السعر، مما يجعل من الممكن للمشتري تحويل خامها من منطقة إلى أخرى إذا أصبح القيام بذلك أكثر ربحية، وقد يفتح أيضًا سوق خام الخليج أمام شركات تجارة النفط الكبرى مثل مجموعة فيتول وجلينكور بي إل سي ومجموعة ترافيجورا. ستؤدي المرونة المتزايدة والمجموعة الأكبر من المشترين المحتملين إلى تحسين جاذبية خامات الإمارات العربية المتحدة مقارنة بجيرانها الأقل مرونة.

ومن شأن هذه الميزة أن تزيد جاذبية النفط الإماراتي خاصة مع ميزة على تحميل درجة تصدير مربان الرئيسية للبلاد في الفجيرة، والتي تقع خارج الممر المائي الحساس لمضيق هرمز، وهي نقطة بيع يفتقر إليها غالبية منافسيها في الخليج.

ويعد القرار الإماراتي الأول من نوعه، رغم أنه سبق للعراق أن عرض تصدير النفط بكميات قليلة لوجهات غير محددة مسبقا كما هو المتبع، بموجب عقد الدفع المسبق الذي منحه لشركة تشن هوا أويل الصينية في ديسمبر، لكن هذا الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ حيث ألغى العراقيون الصفقة الشهر الماضي، بعد أن خفف ارتفاع أسعار النفط بعض احتياجاتهم الفورية من الإيرادات.

ويوضح تقرير بلومبرج أن إسقاط قيود الوجهة التي يصدر إليها نفطها والسماح بإعادة بيعه لم يكن سوى الخطوة الأخيرة من قبل الإمارات العربية المتحدة، مما يشير إلى أنها بدأت في اتخاذ خط مختلف عن زملائها في أوبك.

ويضيف أن الإمارات دخلت في جدل مع شركائها في أوبك حول تخفيف قيود الإنتاج خلال اجتماع نهاية نوفمبر، مما مد أجل المناقشات إلى اليوم الثاني وبالتالي تأخير اجتماع مع حلفائهم من خارج أوبك للاتفاق على زيادة صغيرة في الإنتاج لشهر يناير. وأصرت الإمارات على أن أي قرار لرفع سقف الإنتاج يجب أن يكون مصحوبًا بتعهدات صارمة من أعضاء أوبك بلس الذين فشلوا في الامتثال لأهدافهم لتعويض أي فائض في الإنتاج في الأشهر التالية.

ويعزو تقرير بلومبرج الإصرار الإماراتي على شروط الالتزام بسقف الإنتاج إلى "الإحباط من الطريقة التي عوملت بها عندما أفرطت في إنتاج النفط لفترة وجيزة خلال الصيف الماضي؛ حيث تم استدعاء وزير الطاقة سهيل المزروعي إلى الرياض لمحادثات بشكل علني، في حين أن روسيا -التي يتكرر عدم التزامها بسقف الإنتاج المحدد لها- لم تواجه أية انتقادات على الإطلاق".

كما تعتبر الإمارات القيود المفروضة على إنتاجها أشد صرامة من تلك المفروضة على الآخرين؛ حيث أن عليها الالتزام بإنتاج 2.63 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثل 63% فقط من قدرتها على ضخ النفط الخام من الأرض، ويقارن ذلك بنسبة 79% المتاحة للسعودية، وحتى مع التخفيض الإضافي الطوعي الذي قررته السعودية على نفسها تظل نسبة إنتاج الإمارات المحددة أقل مستوى.

وتأتي التغييرات في عقود الإمارات النفطية في إطار حملة لتأسيس خام مربان الذي تصدره أبو ظبي كمعيار إقليمي لمبيعات نفط الشرق الأوسط إلى آسيا، السوق الأكثر أهمية في المنطقة. ومن شأن ذلك أن يعطي دفعة للجهود التي تبذلها أبو ظبي، أكبر الإمارات العربية السبع، والتي تمتلك معظم احتياطيات النفط الخام في الإمارات، لترسيخ مكانتها كمركز لتجارة النفط، وليس مجرد مصدر.

والإمارات أعلنت حرصها على استخدام المزيد من إنتاجها النفطي محليا، وتعتزم زيادة قدرتها الإنتاجية بنسبة 20% تقريبًا إلى 5 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2030، قبل أن يبدأ الطلب على النفط في التراجع مع تحول العالم بشكل متزايد عن الوقود الأحفوري، وبحسب تقرير بلومبرج فإن هذا التوجه لزيادة الإنتاج قد يؤدي إلى وضع الإمارات في مسار تصادمي مع بقية أعضاء أوبك.

تعليق عبر الفيس بوك