إسماعيل بن شهاب البلوشي
استباقُ الأحداث وبُعد النظر في رؤية المستقبل -سواءً كان ذلك على المستوى الفردي أو الجماعي- يعدُّ واحداً من أبرز أسباب امتلاك زمام المبادرة (المبادأة)، وأن الدول التي تسخّر العلم؛ مثل مراكز الدراسات الإستراتيجية والمعاهد العلمية، يُحَدد بعضاً من مهامها تسليط الضوء على استشراف المستقبل.
يتمُّ ذلك بكثير من الدقة بناءً على حقائق ومعلومات وتحليلات المتخصصين؛ لأن الدول لا تريد أن ترى نفسها في كل مرحلة تدخل مصاعب وتحديات كان يمكن وبسهولة معالجتها في حينها بخسائر أقل والتعامل معها بطرق احترافية، وبوسائل كثيرة يكون كل شيء فيها تحت سيطرة ومقدرة تلك الدول، وكذلك فهي توسع الرؤية لما يمكن اغتنامه اليوم ولن يكون متاحاً غداً، ولعلِّي في هذه العُجالة أجمع بين أمرين. وعلينا أن ننظر دوماً إلى هذه الجوانب بإيجابية؛ بل والتحرُّك لسن قوانين مناسبة نتدارك من خلالها ما تبقَّى من فرص مواتية وأراضٍ متبقية نُشارك فيها إيجاباً أجيال المستقبل، ونجعلهم ينظرون إلينا من زوايا الفخر والاعتزاز وبشيء من الشكر، مع اغتنام الفرص وحجز الأراضي؛ لذلك أتمنى أن لا يكون محدداً في ما سأطرح من فكرة، بل بنظرة إستراتيجية استثمارية تنموية للمستقبل.
الأمر الأول: عندما نُطالب بالعمل الأفضل من الموظفين، فهذا أمر جميل.. نعم هناك الكثير مما وفَّره الوطن للعمل في بيئة مناسبة، ولكنْ هناك أمرٌ في غاية الأهمية وهو سمة التميز والتحفيز في جوانب أخرى على درجة كبيرة من الأهمية، والتي لم تعطَ ما تستحق من الإجراءات في الكثير من الجهات الحكومية، ودون أدنى شك ستساعد الموظف على الاستفادة المالية والاجتماعية، وستعوِّض له الكثير وستخلُق جوًّا ايجابيًّا من التميز والخصوصية، وسبباً كبيراً للارتباط بالعمل، ومناقشة الكثير من جوانبه، وحل الكثير من المصاعب؛ وذلك خارج الدوام الرسمي. الأمر الآخر أنَّ اليوم ما زالت الأراضي في كل الولايات متاحة والكثير من الجوانب ما زالت مُواتية لأعمال تخص الموظف وتحفظ المُلْك العام.
الفكرة بشكل عام تتمثَّل في حجز أراضٍ في كل ولاية لإنشاء أندية لكل جهة حكومية، وإذا نُظِر إلى الأمر من زاوية الصعوبة لكل جهة بمفردها؛ فيمكن إنشاء نادٍ واحد لكل الجهات الحكومية المدنية، في كل ولاية، يكون تأسيسه فقط على نفقة الحكومة، أو جهات أخرى متبرعة، أو عبر طرق استثمارية. إنها ليست فكرة مستحيلة أبدا، مع وجود الإرادة. أما تسيير عمله وإدارته ومصاريفه جميعها، فستكون من خلال الفوائد الرمزية التي ستُفرض على المشتركين وبطرقٍ مناسبة وسهلة؛ يُمكن لكل الموظفين المشاركة والاستفادة منها. أما بالنسبة لإدارته وتشغيله، فإنها ستكون من خلال اختيار لجنة بنظامٍ مجرّب وعملي، مع البُعد عن تعيين ذوي مناصب بعينها، وسيكُون هذا النادي على درجة كبيرة من الأهمية في جمع الموظفين وترسيخ انتمائهم لعملهم، وسيمثل دافعاً قويًّا للقيام بواجباتهم برغبة ومعنوية عالية.
ولكي يكُون المقترح نافعاً للموظف، ومساعداً في الكثير من الجوانب؛ فيُمكن أن يضم النادي أحواضا للسباحة، وغُرفا للسكن المؤقت بإيجارٍ رمزي، ووجباتٍ للطعام، وأماكن ترفيه للأسر؛ ومنها ألعاب للأطفال، وكثيرًا من الأنشطة الاجتماعية والعلمية والفعاليات والمناسبات، وسيكون على المدى البعيد مؤثراً وبقوة في توجه وفكر الموظف في إدارة شؤون تخصه بشكل مباشر، من حيث الخبرة والربح والخسارة والإدارة والتعامل؛ مما ينعكسُ إيجاباً على عمله الرسمي في المستقبل.