الحلم الاقتصادي

 

فايزة بنت سويلم الكلبانية

Faizaalkalbani1@gmail.com

اليوم.. الجميع يسعى جاهدا يدا بيد مع الحكومة، ونحلم بتحقيق رؤية حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- عندما قال جلالته: "إن الانتقال بعُمان إلى مستوى طموحاتكم وآمالكم في شتى المجالات، سيكون عنوان المرحلة القادمة بإذن الله".

نعم.. هذه عُمان التي نريد؛ جميعنا اليوم وعلى الصعيد الشخصي يرسم لمستقبله أهدافا عدة، تبدأ بـ"حلم" جميل يسعى لتحقيقه، وكلما تحقق له ذلك الحلم الجميل جدد خارطة مستقبله بحلم آخر أجمل وأكبر، وهكذا تتوالى أحلامنا، مُطلقين العنان لإبداعاتنا حتى نصل إلى تحقيق هذه الأحلام؛ فالأحلام متاحة للجميع، ولكن الرابح الأكبر من يستيقظ لتحقيق حلمه، حاملا معه رؤية مستقبلية واضحة الملامح، وإرادة قوية لمواجهة التحديات، حتى لا تقف حاجزا أمام تحقيق الحلم والإنجازات.

وعلى صعيد الوطن الكبير.. نحلم اليوم جميعنا بأن تكون "عُمان في مصاف الدول المتقدمة"؛ وذلك تحقيقا لما جاء في الرؤية المستقبلية "عُمان 2040"، ومن منا لا يحلم بأنْ يصل بوطنه إلى هذا المستوى العالي في كافة القطاعات المختلفة، وسط تسابق جميع دول العالم للنهوض بدولهم ليكون لها السبق في الإنجاز وتحقيق الغايات، ويضرب بها المثل في تحويل البلاد من اقتصاد متواضع إلى ثورات صناعية تضمن لها الاستقرار المالي على المدى الطويل، بعيدا عن ضغوطات البنوك الدولية، أو تنمُّر الدول العظمى بكافة أنواع الضغوطات غير المرغوبة، محققة الاكتفاء والاستقرار الذاتي لشعبها. هكذا نحن "أبناء عمان" اليوم نحلم معكم حكومة وقطاعًا خاصًّا لنصل بوطننا إلى بر الأمان.

كما نحلم بتحقيق أهداف خطة التوازن المالي (2020/2024) بأقل الخسائر وبأكبر الأرباح خلال الفترة المتوقعة، لكن ليس بتضييق الخناق لسرعة بلوغ الأهداف على حساب حاجة المواطن البسيط وما يملك من دخل، ونتنافس كمؤسسات خدمية في مضاعفة وتعدد الرسوم والقرارات وإيقاف حقوق البعض، ومطالبتهم بالمساهمة بدفع الضرائب والرسوم التي ستثقل ميزانية البعض، وسط ارتفاع مُتطلبات الحياة الأساسية، وثبات الدخل أو البعض مِمَّن تعرض لتخفيض راتبه إلى النصف وأكثر، وفي المقابل أثقل عليه بكل هذه الرسوم والقرارات والضرائب ليُسهم في حل الأزمة الاقتصادية وسداد الدين العام أو عجز الميزانية.

لا شكَّ أنَّ نهضة الاقتصاد الوطني وتحقيق الأهداف لن يتم في ظل انتشار هذه المشاهد المتكررة للمواطنين من الحاجة وقلة الحيلة للبعض، لما آلت إليه الحال نتيجة التغييرات التي تشهدها البلاد والمؤسسات جراء أزمة كورونا وغيرها من تبعات لتراجع أسعار النفط عالميا.

ألا تلاحظون أنه قد زاد انتشار البسطات، والبائعين المتجولين من الأطفال والشباب والكبار رجالا ونساء؛ سعيا منهم لتوفير لقمة العيش على امتداد شوارع السلطنة، نتيجة انقطاع مصدر دخلهم، إما بالتقاعد المبكر والذي يفوق التزاماتهم، أو لتسريح من كان عائلاً لهم، رغبة منهم في لقمة عيش حلال كريمة في وطن كريم.

فكيف سنصل إلى مصاف الدول المتقدمة والحالة المعيشية للمواطن وميزانيته المالية من الملاحظ أنها اليوم تشهد تراجعا وانكماشا لدى الأغلبية، وتنعدم لدى البعض الآخر من الفاقدين لأعمالهم نتيجة "التسريح".

الطموح العُماني في هذا البلد الطيب يعني ضرورة أن نتجاوز كل التحديات المحيطة بنا، وأن نصل بعمان وشعبها إلى بر الأمان اقتصاديا واجتماعيا، ولن يتأتَّى ذلك إلا بالسرعة في تنفيذه على أرض الواقع في حياتنا اليومية، ولا يبقى مجرد "حلم"؛ سواء كان له علاقة بالتنويع الاقتصادي أو ثقافة العمل أو القضاء على البيروقراطية أو التدريب وحق التعليم وحق الحصول على المعلومة، قوة الأحلام تكمُن في أن نحول كل هذه الأحلام الجميلة إلى واقع نلمسه في حياتنا اليومية.

ولاسيما وأنه قد تم إعداد الميزانية العامة للدولة للعام 2021 بما يتوافق مع الإطار المالي لخطة التنمية الخمسية العاشرة، وتحقيق الأولويات الوطنية والمستهدفات الرئيسية لتحقيق الاستدامة المالية القائمة على زيادة الإيرادات غير النفطية، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي؛ وذلك عبر تمكين الاقتصاد الوطني من الاستمرار في تحقيق معدلات النمو المستهدفة، وإنجاز برامج التنويع الاقتصادي، وزيادة الاستثمار المحلي والأجنبي، وتمكين القطاع الخاص للقيام بدوره الأساسي في إدارة عجلة الاقتصاد وتوفير فرص العمل.