عائض الأحمد
تتعاقب الأحداث وتختلف الأماكن وتتعدد الأوقات ويبقى الإنسان شرقاً أو غرباً كما هو يرفع صوته جنوباً فيهتز الشمال يئن تحت وطأة الفقر وشظف العوز وطلب الحرية. فيتباكى من هناك جائع الصومال "المشرد" المريض منذ عقود وكأنه لايشتكي ألماً أبدًا، يقال له الوباء يقصف العالم، والاقتصاد ينهار فيسألهم أن ينام يوماً واحداً فقط في أمان، دون أن يسمع دوي المدافع وأصوات الرصاص .
يقتلون إرادته ثم يستنهضوه وقت الحاجة ويلتهموه وقت الفاقة، ويرمى كومة قش، بلا قيمة ساعة الأنس ورخاء العيش، من أنت ياهذا؟
من كان لديه حجر فليرمه في وجه هؤلاء.
خلقك الله حراً فقيدت معصميك وزهدت في حركة قدميك، وجعلت من عقلك وعاءً خرباً يستقبل البقايا البالية مخلفات أقوام بائدة، فلم تستدعِ حواس خلقها الله، تعيش بها حراً أو كما قال الأحمد "لبيك حرا لم يخفض له طرف، وكأنَّ البلاغة خلقها الله لتعلو دائماً معه" كم أحمق ظنَّ الهراء يخلق منطقاً، فسقاه مر العيش جيل بعده أجيال.
ليس المبدأ شيء مختلق ولن تستطيع الحياد مع حاجة إنسان، من صنع "اللَّاهُوتُ والنَّاسوتُ" يأمر الناس بالسجود طاعة عمياء، ثم يفرقهم بعصا غليظة "يَسُوطُهم" دون شفقة أو رحمة.
النفاق سياسة وأخذ أموال الناس بالباطل حقاً يراد به الجميع، ويخصص لثلة تجمع به متع الحياة، وتسوق الناس ليوم حشرهم وتسمي "الكيان الأعظم" من ينافسه في ماضيه فقد حاضره لا محاله، يحيط دائرته بهالة من نور، ويرسمها بقلم زيت ثم يضعه جانباً، كلما غفلت عين زاد في لوحته خطا آخر حتى استعصت على "المُذهّب" .
من يريد الحقيقة فعالم ثالث أو رابع أو حادي عشر يقوده نظام "لَزِقَ" تمرغ في سطوة الأنا وينادي نحن، من قال أنا في حضرتهم شرب كأس نشوة النظر إلى وجوههم ثم أصابته حمى وكساح ومات ضريرا وخلف بعده أشلاء أمة اعتقد مبشريها بنصر خارق يفوق صبر سنوات عجاف، عجز عن فك طلاسهما من وضع الخطط الاستراتيجية وكأنَّ الحال يقول أنتم من أتى بها فاستعينوا بمن يصرفها فقد أعجزنا صنع أيدينا وإياكم ثم إياكم أن تأكلوا "عيش" المساكين فيسكن الجهل عقولكم، هذه بتلك.
ليس حديثاً للنشر إنها أضغاث أحلام أصابته في مقتل وعندما أدركه الصباح هرول إلى"شيخه" يستحلفه بالله أن يفسر رؤياه، فإن كانت تسؤوه أسر القول خوفاً وطمعاً.
هرمت وأصابك الهزال وتضعضعت "أحلامك" ليس لأن فقر دم أصابك، ولكن لأن حواسك لم تعتد على الحركة، ونطقت فجأة فتحررت من هول صدقها، حتى لو كان حلم ليل.
هل تُريد أن ترى المشهد من زاوية حادة؟ إذاً
من يعرف السيد "هارون" كان يعيش في صومعته يقلب "دَفَاتِرُه" ويرفض كل من يقترب منها سلباً أو إيجاباً فقد وهب عمره لكتابه دون شريك.
وبعد أن دام طويلاً لم يجد أمام قلبه بدّ مما ليس منه بدُّ.
رفضه القانون وطوقه رجاله بالرفض لأنه مختلف العرق والجنس واللون.
خاب ما قرأت يا "هارون" ألم تقل لك تلك الكتب مات المتحدث وعاشت أحلامه.
كان فنجان القهوة السمراء أو كما كان يسميه "عم سعد" "نسكافيه" أكثر لذة من وجبة والدتي ونصائح معلمي لأنها المرة الأولى التي أتجرأ على قبولها بعد أن تكرم بها خلسة دون علم "رب عمله" مؤكد أنه لن يفعلها مرة أخرى ولكن لأننا أبناء جاره فقط، لم يكن "عم سعد" يعلم بأنَّ تلك القهوة أصبحت متداولة يشربها العابرون دون رجفة رمش أو خوف من عقاب، المستباح لا يعادله في المنع لذة محرم لا نملكه، هكذا كانت قهوتي وفنجاني العسلي.
لن أنسى تلك الكلمات للسيد "طوني" محدثاً نفسه
أى تخلف يا "طوني" فقد هجرت أهلك ووطنك بحثا عن المستحيل وبعد أن أفنيت ربيعه وتجاوزت الخامسة بعد التسعين تخرج لسانك الهرم وتودع مستنقع لم يكن أصدق مشاهده لقطة عابرة ممنتجة في استوديوهات "هوليود" .
حين تجول بناظريك منفردا وتراقب من حولك تكاد تقع ساجداً حامداً أن زرعت "بذرتك" على هذه الأرض الطيبة وتقول بلدة طيبة ورب غفور.
ومضة:
الأشياء ليست بظاهرها اسألوا "ذقن" جاري.
لم أخلق الأعذار وأنا الثاني فكيف بمن رحل وهو الأول.
يقول الأحمد:
ليس ذنبي أن حدث
لم يكن أبدًا خياري
كان هذا يوم كنت
ترسم ألواح الخشب
كنت معتقدا
أنها تبحر ولن تغرق أبدا
ليس ذنبي أن قبلت
ليس ذنبي لو رفضت.