تأثير الموسيقى على سلوكيات المستهلك

 

أمل العلوي

عُرفت الموسيقى منذ القدم بأنَّها فنُّ الأصوات والسكوت عبر فترة زمنية، وهي لفظٌ يوناني الأصل، وقد كانت تعني سابقا الفنون بشكل عام، غير أنَّها أصبحت فيما بعد تُطلق على لغة الألحان فقط. وهي صناعة الأنغام وتنظيم العلاقات بينها، ودراسة الإيقاعات وأوزانها، وهي تشمل طبقات الصوت والتجانس الهارموني بين الألحان (ويكيبديا).

وتختلفُ الموسيقى ما بين الكلاسيكة الهادئة إلى الصاخبة، وتتنوع ما بين الموسيقى العربية والغربية، والألحان الحزينة والسعيدة...وغيرها، والتي لها دلالات وتأثير في النفس البشرية.

لكن.. هل خَطَر ببال القارئ يوماً أنَّ الموسيقى قد استُخدمت عبر القرون للتسويق والترويج عن المنتجات والماركات التجارية الخاصة بالشركات الكبرى؟!

"نعم، قد ظهرت قوة الموسيقى في العلامة التجارية".

سنأخذ دراسة حالة على ذلك: "شركة أديداس"؛ حيث ارتبط اسم أديداس بالموسيقى أكثر من مجرد كونه ماركة عالمية للملابس الرياضية.

"أديداس" هي شركة ألمانية رائدة في صناعة المنتجات الرياضية، تأسست في العام 1949. تحتل المرتبة الأولى في صناعة الملابس الرياضية في أوروبا، والثانية عالميًّا في هذه الصناعة بعد شركة نايك الأمريكية. حيث تعتمد أكبر نوادي كرة القدم العالمية مثل ريال مدريد ومانشستر يونايتد وبايرن ميونيخ الألبسة والأحذية الرياضية الخاصة بشركة أديداس.

التسويق يُخبرك أنَّ عليك أن تختلف حتى تنجح (كتاب التسويق).

فلو نظرنا في أسلوب أديداس في الترويج لمنتجاتها، نجد أنها قامت بدراسة وتحليل نمط وأسلوب حياة الشعوب، وكذلك عزَّزت من تواجد علامتها بين عامة المجتمع بالتواجد في المهرجانات والمناسبات الاجتماعية، فلم تقتصر فقط على الأحداث الرياضية فقط .

فقد اتخذت الشركة نهجا وإستراتيجية في التعاون الموسيقي مع الفنانين والموسيقيين لتعزيز علامتها التجارية، لتشكل العلامة التجارية الصانعة لأحدث صيحات الأزياء والألبسة الرياضية العملية ضمن لمستها الخاصة وتوظيفها لمواكبة الموضة والأجيال، جيلا بعد جيل؛ الأمر الذي لاقى شعبية كبيرة لدى عشاق الأحذية الرياضية حول العالم.

فشعار أديداس نراه في كل مكان، على أحذية أسطورة التنس ستان سميث، ومتسلِّق الجبال الاستثنائي رينولد ميسنر، وحتى على قمصان منتخب الأرجنتين لكرة القدم، لإلهام المشجعين حول العالم.

بدأت القصة عندما كان أحد موظفي أديداس ضمن حفلة موسيقية لفرقة الراب "رن دي.إم.سي"، فلم يخطر ببال أحد أن ترتسم تلك الخطوط الثلاثة الشهيرة لأديداس على أحذيتهم لتأدية أغنية "ماي أديداس". وظلت فرقة "رن دي.إم.سي" تستخدم الأحذية الرياضية في حفلاتها لتستفيد من شهرتها وتصل إلى جمهور جديد كلياً، مما أسهم في انطلاق شهرة أحذية أديداس خارج الملاعب لتزيد من مبيعاتها للعامة، كما أصبحت ترافق رموز ثقافة البوب (كبوب مارلي وديڤيد بوي وجيم موريسون).

وسرعان ما توَّجت أديداس تعاونها مع فرقة "رن دي.إم.سي" بإنتاجها خط الأحذية الرياضية الذي يحمل اسم الفرقة، ولتكون بهذا قد ابتكرت منتجاً غير رياضي غيّر وجه ثقافة الهيب هوب للأبد.

علامة أديداس على صلة وثيقة مع الفن والثقافة جيلاً بعد جيل. ففي التسعينيات، وعندما عادت العلامة التجارية إلى شعار الخطوط الثلاثة، ظهر شعار الوريقات الثلاث على الأغاني المصوّرة والحفلات الحيّة.

وتُشير الإحصائيات إلى أنَّ مقطعا لفيديو واحد لتعاون شركة أديداس (Adidas) مع الفنان ستروزمي Stormzy  يحصد ما يزيد على أكثر من 100 مليون مشاهدة حسب موقع يوتيوب، وهذا يدل على التأثير الكبير للموسيقى في الوصول للفئات المستهدفة؛ وبالتالي تعزيز العلامة التجارية وزيادة المبيعات الخاصة بها.

هذا النهج من التسويق كاد ينعكس سلبًا على علامة أديداس؛ حيث نمت إلى أذهان الناس على أنها علامة تجارية لموسيقى الهيب هوب، بدلاً من كونها شركة لتصنيع الملابس الرياضية؛ فكان التسويق بالموسيقى تحديا كبيرا للحفاظ على العلامة التجارية للملابس الرياضية "أديداس".

نستنتج مما سبَق أنَّ الموسيقى هي أداة قوية في مجال ريادة الأعمال من الجانب التسويقي؛ فتأثيرها له وقع قوي على مشاعر البشر التي تحفز ها للأعلى والأسفل؛ فالموسيقى تبث روح الفخامة والرفاهية لدى المستهلك وتحفِّزه لاتخاذ قرار الشراء بصورة عاجلة، في حال إنْ تمَّ اختيار الألحان بشكل صحيح وبالمكان الصحيح.

فعلى أصحاب العلامات التجارية اختيار الألحان الموسيقية بدقة لتحديد الفئة المستهدفة للترويج عن المنتج الخاص بهم، وإلا ستكون النتيجة عكسية، انطلاقاً من الألحان الهادئة والكلاسيكية في استقبال فندق إلى الألحان الصاخبة في متجر لبيع الألعاب الإلكترونية.

... إنَّ اختيار الموسيقى بطريقة ذكية تتمُّ أحيانا بالاستعانه بشركات للاستشارة التسويقية؛ تشمل الاستشارة (نوع الموسيقى، مستوى الصوت، سرعة الإيقاع، الأوقات والمعزوفات المناسبة لكل وقت).

يأتي هذا بالتزامن مع دراسة وتحليل طبييعة العملاء المستهدفين والمحتملين، وآلية عرض المنتجات والخدمات المعروضة في المتجر؛ سواء كان متجرا إلكترونيا أم واقعياً، كما تشكل طريقة الإضاءة المستخدمة في المتجر عاملاً مهما ومحفزاً جدا للتأثير على اختيار الزبون وأخيرا أسلوب خدمة العملاء.

وجد العلماء أنَّ الموسيقى هي لعبة نفسية تثير الدماغ من ناحية الجسد، فتتحكم في مشاعره وتؤثر في أسلوب حياته وطاقة الشراء فسخروا ذلك لزيادة المبيعات والإنتاجية، بدءاً من المتاجر الصغرى والمتاجر الكبرى.

----------------------------

الـمصادر:

1- https://www.bbc.com/arabic/scienceandtech/2016/08/160808_vert_fut_the_music_that_makes_you_spend_the_most

2 -https://advertising.amazon.com/arae/solutions/industries/beauty

3- كتاب التسويق.

4- theinnovationenterprise.com/articles/adidas-originals-the-power-of-music-in-branding)

5- Youtube

6- https://blog.sssports.com

تعليق عبر الفيس بوك