كيف نسد الفجوة التمويلية أمام القطاع الخاص؟!

فايزة بنت سويلم الكلبانية

Faizaalkalbani1@gmail.com

في ظل التداعيات السلبية التي أفرزتها جائحة كورونا (كوفيد-19)، يبذل جميع القائمين على إدارة القطاعين العام والخاص جهودًا حثيثة للبحث عن آليات وحلول لسد "الفجوة التمويلية" لضمان استمرارية الأعمال بأقل الخسائر على المؤسسات والموظفين واقتصاد الدولة أيضا، وذلك من خلال الشراكة المجتمعية، مهما تباينت الآراء بين جميع الأطراف في التنفيذ والاستجابة، إلا أنَّ الالتزام بالحلول المطروحة شيء لابد منه.

اليوم لا يزال القطاع الخاص بمختلف فئاته (الكبيرة، والمتوسطة والصغيرة) يسعى جاهدا للبحث عن حلول لسد "الفجوات التمويلية" التي يُعاني منها في ظل تراجع الإنتاجية، للخروج من هذا النفق المظلم، وهنا لا ننكر التسهيلات التي قدمتها الحكومة والبنك المركزي العماني، ممثلاً في مختلف البنوك التجارية والنوافذ الإسلامية، وغيرها من أوجه الدعم المالي التي كانت تقدم لفئات مختلفة من الشركات، لكن لا بد من وجود دور تحفيزي أكبر للقطاع الخاص لضمان الاستمرارية.

ثمة ضرورة على أن يكون للبنوك توجه أكبر لفتح المجال للتوسع في تقديم قروض لمؤسسات القطاع الخاص بمعدلات فائدة منخفضة للغاية (لنقل 1.5%)، وأن يُترك المجال للبنوك مفتوحاً فيما يتعلق بآلية صرفهم للقرض وفقاً لاحتياجات المؤسسات، ويكون اهتمام البنك منصباً بشكل رئيسي على فترة سداد القرض وآلية السداد بعيدًا عن التعقيدات الأخرى، حتى لا نصل إلى مرحلة إفلاس عدد أكبر من الشركات أو إغلاقها بالكامل، وزيادة أعداد المُسرحين مما سيُؤدي إلى إضافتهم إلى قائمة الباحثين عن عمل، وهذا ما لا نتمناه أبدً؛ إذ ستكون النتيجة مزيد من الضعف للقطاع الخاص وإسهاماته الاقتصادية وأيضاً في حل قضية الباحثين عن عمل، فالتسهيلات مطلب حتمي للقطاع الخاص لضمان الوصول إلى بر الأمان.

على البنوك أن تعمل على زيادة رؤوس أموالها، بحيث تسعى بدلاً من تقديم 50- 100 قرض في السنة ليصل إلى 500 قرض، مع المراعاة في تخفيض الفائدة للمساهمة في إنقاذ الوضع الراهن.

وكذا الحال بالنسبة لبنك التنمية العُماني، رغم ما يُساهم به من تسهيلات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلا أنَّه مُطالب بمضاعفة هذه المساهمة والجهود حتى لا نصل إلى انعدام قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بسبب ما يعانيه الكثير من رواد الأعمال من أضرار وتبعات للإغلاق وما لحق بهم جراء جائحة كورونا.

الهم الأكبر يتمثل في بند "الرواتب" والتي تشكل عبئا ماليا شهريا بالرغم من توجه أغلب مؤسسات القطاع الخاص إلى تخفيض الرواتب بنسب متفاوتة لكنها أثرت بشدة على جميع العاملين، فضلا عن الاستغناء عن عدد من الموظفين الوافدين، إلى جانب العاملين بالعقود المُؤقتة وحتى الموظفين العمانيين لدى بعض المؤسسات والذي نتج عنه أزمة "المسرحين"، ولا نبالغ إذا قلنا إن البعض من الشركات وعلى رأسها المشاريع الصغيرة والمتوسطة أغلقت وأعلنت إفلاسها لعدم قدرتها على الصمود وتأدية التزاماتها من الرواتب والإيجارات وفواتير الكهرباء والمياه، وغيرها من المصروفات الأخرى، في ظل ضعف الطلب وتضرر الاقتصاد، فبتنا في حالة من الكساد الاقتصادي، والذي سببه الإغلاق الاضطراري للحد من انتشار جائحة كورونا والذي أثر على هذه المؤسسات بشكل كبير، وها هي آثار جائحة كورونا مستمرة حتى اليوم وفي تزايد، وهذا سيكون له امتداد سلبي على الأعمال والإنتاجية بالمؤسسات المختلفة.

الحكومة اليوم تعقد آمالاً كبيرة على القطاع الخاص لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الباحثين عن عمل، وذلك من خلال الإسراع في تنفيذ خطط "الإحلال"، وتقديمها لبرامج تدريبية لتهيئتهم وفقاً لمتطلبات السوق والأعمال، لكن القطاع الخاص اليوم لا زال يعاني من وجود "الفجوة التمويلية"، ويبحث القطاع الخاص عن حلول تساعده على الاستمرارية بأقل الخسائر، والإبقاء على ما تبقى لديه من موظفين، فأزمة سداد الرواتب الشهرية تشكل عبئاً وهماً رئيسياً في ظل جائحة كورونا وتوقف الأعمال وبعض قرارات إغلاق الأنشطة خلال الفترات الماضية وما ترتب عليها من خسائر على شركات القطاع الخاص، إلى جانب ضعف الإنتاجية.

إن السؤال الذي يبحث عن إجابات عاجلة وحلول سريعة هو: كيف نسد الفجوة التمويلية أمام القطاع الخاص، ونساعده على تجاوز التداعيات القاسية الناتجة عن تأثيرات جائحة كورونا؟!