صالح البلوشي
يعد القرار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، يوم الخميس 4 فبراير، بوقف كافة أشكال الدعم العسكري للحرب في اليمن، وتصريحه بأن هذه الحرب يجب "أن تنتهي"، خطوة مهمة من أجل إنهاء الحرب على اليمن التي بدأت في 22 مارس 2015 بعد أن شكلت السعودية والإمارات تحالفا عسكريا تحت عنوان "تحالف دعم الشرعية" لإنهاء سيطرة الحوثيين.
هذه الحرب المدمرة أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص في نحو 6 سنوات، وذلك حسب تأكيد مفوضية الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، وذلك نتيجة العمليات العسكرية التي قام بها التحالف السعودي الإماراتي، والاقتتال بين الأطراف اليمنية المختلفة.
وقد أصدر صندوق الأمم المتحدة للسكان في ديسمبر 2020 تقريرا قال فيه: "إن اليمن يعيش أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم، والمأساة تتعمق أكثر فأكثر مع استمرار الصراع الذي لم ينتهِ حتى اليوم".
قرار الحرب كان خطيرا جدا وتسبب في إرجاع اليمن الذي يملك التاريخ الحضاري العريق قرونا إلى الوراء، وتسببت صواريخ تحالف السعودية والإمارات والأطراف اليمنية المتقاتلة في تدمير الكثير من المواقع الأثرية والمعالم التاريخية التي كانت تشكل جزءا من التراث الإنساني، وهذه خسارة للبشرية وليست للشعب اليمني الشقيق فقط.
وأشار تقرير لقناة DW الألمانية إلى أن بعض المعالم الأثرية والتاريخية طالها التدمير الكلي أو الجزئي، ومنها: في محافظة صنعاء مسجد وضريح الإمام عبدالرزاق ابن همام الصنعاني والمتوفى في العام 211 هجرية بمنطقة حمراء بقرية دار الحيد بمديرية سنحان.
وفي محافظة الضالع، تم تدمير دار الحسن في قرية "دمت" التاريخية التي تعود إلى فترة عصور ما قبل الإسلام، وفي محافظة عدن تعرض الطابق الثالث من المتحف الوطني للقصف، والذي يعود تاريخ بنائه إلى عهد السلطان فضل بن علي العبدلي في العام 1912، وكذلك مسجد جوهرة التاريخي.
كما تعرضت قلعة صيرة التاريخية للقصف أيضا، والتي تعد من أبرز قلاع وحصون مدينة عدن، وقد بنيت في القرن الحادي عشر الميلادي، وكان للقلعة دور دفاعي في حياة المدينة خلال المراحل التاريخية لمدينة عدن، كما طال التدمير معالم أثرية مهمة في المحافظات اليمنية الأخرى.
ولم تقتصر مأساة حرب اليمن على الخسائر البشرية جراء العمليات العسكرية والصواريخ المدمرة التي لم تنجُ منها أماكن العزاء وصالات الأفراح والأسواق الشعبية، وإنما تسببت الحرب في انتشار الكوليرا والأوبئة الأخرى، واستمر الوباء في الانتشار وحصد أرواح المئات منذ ظهوره الأول عام 2016 بالإضافة إلى إصابة مئات الآلاف، وأيضا تسببت الكارثة في انتشار المجاعة في البلاد خاصة مع صعوبة وصول المساعدات الدولية بسبب الحرب بين الأطراف المختلفة.
... إنَّ ما يحدث في اليمن هو حرب بين مصالح إقليمية ودولية، والتي اختارت هذا البلد من أجل الصراع بينها كما اختارت أيضا سوريا وليبيا ولبنان ودولا أخرى، وتبقى الضحية هي شعوب هذه الدول التي تنتظر أن تجلس أطراف الصراع الإقليمية والدولية لتقاسم النفوذ حتى تستطيع أن تعيش في سلام، فمتى يحدث ذلك؟