على المشرِّع العماني أن يتدخل لعلاج هذه المشكلة

د. مصطفى راتب

الوصية الواجبة لابن الابن الذي مات والده في حياة، أصله المادة 229 من قانون الأحوال الشخصية العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 32 لسنة 1997م.

ذهب بعض الفقهاء الى القول بوجوب الوصية للأقربين غير الوارثين استنادا لقوله تعالى "كتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين"، قال القرطبي: وقال ابن عباس والحسن: نسخت الوصية للوالدين بالفرض في سورة النساء وثبتت للأقربين الذين لا يرثون وهو ما أخذ به المشرع العماني في المادة (229) والتي تنص على أنه: (أ) تجب الوصية للأقربين. (ب) إذا لم يوص للأقربين وكانت الوصية لغيرهما على سبيل التبرع رد ثلثا الوصية إليهم.

ومن هنا، جاءت فكرة الوصية الواجبة للأحفاد الذين مات آباؤهم في حياة جدهم، إذا كان الأحفاد غير وارثين أو محجوبين، مع أن آباءهم قد شاركوا في تكوين ثروة جدهم، فيصبحون في عوز وفقر، بينما يكون غيرهم في سعة وغناء، مما يترتب عليه انتشار حالات التشرد لمثل هؤلاء الأولاد بسبب فقد عائلهم فيضطرب ميزان التوزيع الأسري؛ فصار بعضهم في ثراء ترى آثار النعمة مما وصل إليه من الميراث، وصار الآخر في فقر شديد بسبب الحرمان الذي يولد الحقد والحسد والعداوة والبغضاء بين هؤلاء الأولاد وأعمامهم وأولادهم، وهذا شيء طبيعي توارثته الأجيال مما يكون سببا في تفكك بعض الأسر واضطراب المجتمع الإسلامي.

وتوضيح ذلك في المثال التالي: إذا كان رجلا يدعى (سالم) تزوج من (شيخة) وأنجب منها ابنان (سعيد) و(محمد)  وتوفى سعيد وترك ابنه الصغير يسمى (خالد) ثم توفِّي سالم وهو الجد وترك ورثته على النحو التالي الزوجة (شيخة) يكون نصيبها الثمن، والابن (محمد) يكون نصيبه باقي التركة كلها تعصيبا، ابن الابن (خالد) وهو الذي توفِّي أبوه في حياة أصله (الجد) لا يأخذ شيئا من التركة لأنه محجوب بـ(محمد) عمه، مع أن والد خالد قد شارك بلا شك في تكوين ثروة جده (سالم) فيصبح في حالة من البؤس والفقر والحاجة، بينما يرث (محمد) (عم خالد) ويكون في سعة وغنى، لذلك من الضروري على المشرع العماني أن يتدخل لعلاج هذه المشكلة الملحة علاجا قانونيا؛ لذا نُناشد المشرع العماني بأن يصدر قانونا يوجب الوصية الواجبة ويجعل نصيب من تركة الجد لولد الولد الذي مات والده في حياة جده بشرط ألا يزيد نصيبه على الثلث تعويضا له عما فاته من وفاة أحد والديه؛ لذلك يتم قصر الأقارب غير الوارثين في الوصية الواجبة على الأحفاد، وتحديد الواجب لهم بمثل نصيب أبيهم أو أمهم في حدود الثلث، مع التقسيم بينهم قسمة الميراث، وأنَّ هذا القول مبنيٌّ على القاعدة الشرعية التي تنص على أن ولي الأمر إن يأمر بالمباح لما يراه من المصلحة العامة، ومتى أمر ولي الأمر وجبت طاعته، والوصية الواجبة لابن الابن الذي مات والده في حياة جده لا تبعد عن  المصلحة، وهي العدل الذي لا وكس ولا شطط، وعلى هذا الأصل يكون لولي الأمر الحق في وضع ضوابط الوصية الواجبة لابن الابن المستحق للوصية الواجبة، والمستحقون للوصية الواجبة هم أولاد الأبناء (أولاد الذكور من أي طبقة: ابن الابن وإن نزل، وبنت الابن وإن نزلت). والطبقة الأولى من أولاد البطون (ابن البنت وبنت البنت)، وفرع من مات مع أبيه وأمه في حادث واحد ولم يعلم أيهم مات أولا، كالغرقى والهدمى والحرقى؛ لأنَّ هؤلاء لا يرث بعضهم من بعض، وفرع من حكم بموته في حياة أبيه أو أمه ولو كان حيًّا حقيقة كالمفقود الذي حكم بموته، فإن أولاده يستحقون الوصية الواجبة؛ باعتبار أنَّ أباهم ماتَ في حياة جدهم بحكم القاضي.

طريقة حل مسائل الميراث المشتملة على الوصية الواجبة:

أولا: نفترض أن الأصل حي بين الورثة لمعرفة نصيبه إن كان في حدود الثلث أو أقل، كان هو مقدار الوصية الواجبة، وإن زاد عن الثلث كان الثلث فقط هو مقدار الوصية الواجبة.

ثانيا: يطرح مقدار الوصية الواجبة من أصل التركة لمعرفة الباقي، ويقسم الباقي على الورثة الحقيقيين.. مثال: لو توفي وترك أم أم - وأب أب – وابن - وابن ابن – يكون نصيب أم أم تأخذ السدس - وأب أب يأخذ السدس - والابن الباقي تعصيبا - وابن الابن محجوب بالابن، ويرث بالوصية الواجبة، ولبيان نصيب الوصية الواجبة نصيب كل وارث نتبع الخطوات الآتية:

أولا: نفترض وجود الأصل (الابن سعيد) بين الورثة لمعرفة نصيبه. ومجموع التركة يقدر بستة آلاف ريال عماني:

أم- أم = السدس ويساوي 1000 ريال / أب أب = السدس ويساوي 1000 ريال // ابنان (سعيد ومحمد) = الباقي تعصيبا أي كل منهما يأخذ 2000 ريال، وهنا يكون نصيب خالد 2000 ريال، وهو القدر الذي لا يزيد على ثلث التركة، وهو ما يساوي نصيب والده من تركة أبيه.