وسائل التواصل الاجتماعي.. هل تُوجه الشعوب؟

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

وسائل التواصل الاجتماعي وطريقة استخدامها وما يقال فيها وما يتم تناقله في سرعةٍ فائقة، أمور يجب الوقوف عندها بحكمة وتعقّل، فأولاً الأمر يأخذُ الصفة العالمية وعلينا أن نعلم جميعاً أن الأمر كائن لا محالة بل إنه يزداد تعمقاً وفي كل التفاصيل، وعلينا أن ننطلق من هذه المصارحة مع الواقع، كما إن القائمين عليها نجحوا في تسهيل وسرعة الوصول إلى الجميع بطرق عدة بل ومغرية، وإذا لم يتم تبني استراتيجية مدروسة عاجلة، فإنَّ تأثير ذلك على كل شيء في حياتنا سيكون بمثابة توجيه القيادة الفعلية للسلوك، وقد يكون معاكساً في الكثير من الجوانب لما نراه أفضل لحياتنا ومستقبلنا، مع وجود الفائدة من جانبٍ آخر طبعاً، بل إن الأيام القادمة ستثبت أنه الإعلام البديل الفعلي وأنَّ ما تنفقه الدول على الإذاعات والصحف والتلفزة عليها إعادة توزيع هذا الإنفاق ليكون لهذا الجانب حصة مقتطعة مناسبة.

في الأيام القليلة الماضية ظهر بعض المسؤولين في بادرة أراها رائعة بكل ما تحمل الكلمة من معنى ليس من خلال ما تحدثوا عنه من حلول وأفكار وآراء بشكل محدد، غير أنَّ الفكرة في حد ذاتها والنقاش وتوجه الحكومة لجعل المسؤولين في دائرة الضوء والتعبير عن أفكارهم هو أمر حضاري سيُلهم الجميع لتبني أفكار نستطيع من خلالها تبني الكثير وكذلك فهي مهمة للشراكة الحقيقية في اقتسام التوجهات والمعلومات ومن خلالها تكون الرسالة واضحة للداخل والخارج لتكون سبباً للتعامل والاستثمار وغير ذلك، ولذلك ومن خلال التجارب وحتى على مستوى الحضارات القديمة والدول الصناعية الحديثة فإنَّ المجربين والتجارب مرت بالكثير من الإخفاقات والأخطاء ولكن قبولها والبناء عليها من خلال إعادة توجيهها كان لذلك نجاحات كبيرة‏ وكذلك فإن الشعوب التي تشجع المبادارات وتقبل وتتسامح وتقف مع المبدعين هي حتماً ستجد نفسها يوماً ما في مكانة راقية والعكس صحيح.

ومع ذلك فإن للنقاش والتعقيب مكانة كبيرة في كل ما ذكر غير أن بعض الكلمات وأسلوب توصيلها وتبني أفكارٍ محبطة من البعض حتى وإن تمت من أعداد قليلة جداً حتماً إلا أن وسائل التواصل تجعل من بعض المعطيات وتناقلها أيقونة تبرز جوانب تصل إلى الإحباط وهنا يجب أن يتم التعامل بالأسلوب الذي من شأنه تحويل هذا الأمر إلى أدوات بناء وليس العكس وهنا أطرح وجهة نظري في التعامل مع هذا الأمر، فأولاً اقترح وبصورة عاجلة البدء في إعداد مادة علمية يبدأ تعليمها من الصفوف الدنيا على أن ترقى أخيراً إلى مخاطبة عقول تقدمت في فهم طبيعة الحياة والمعرفة العلمية والمصالح الوطنية بما يخدم التوجهات الوطنية العُليا.

وفي نفس المسار يجب أن تكون هناك قوانين واضحة للحدود التي يُمكن من خلالها التحديد ما بين حرية الرأي وتناقل المعلومات وما بين الحدود التي يجب حتماً الوقوف عندها باعتبار أنها خارجة عن إطار تلك الحرية المحددة وتداخلها مع المصالح القومية.

الأمر الآخر هو الاستفادة الإيجابية من خلال تسخير وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة المصالح الوطنية وكذلك تطور الجهات المختصة في الحكومة ومقدرتها على التعامل بشكلٍ سهل ومنسق مع الكم الهائل من المعلومات التي هي مُؤكدا مؤثرة تأثيراً إيجابياً وسلبياً على جميع المستويات وإن مقدرتنا على فهم ودراسة ومعرفة الميول لمختلف الفئات العمرية والتباين في المستوى التعليمي ووجهات النظر الكثيرة علينا أن نفند ونتعامل معها جميعاً بالردود في الوقت المناسب أو ترك البعض منها وأن تكون لدينا المقدرة على توجيه هذا السيل من المعلومات وأن تكون دفة القيادة في إيدي مهرة تعلمُ يقيناً عن مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وأن يكون لها مستقبلاً ومكاناً في وزارة الإعلام وإحلال الكثير من المعنيين والمسؤولين واستبدال فئات مثقفة في المراكز الإعلامية المختلفة لجعل المعلومات واضحة وصريحة وموثوقة لكل المواطنين كي لا يضطر أياً منِّا للبحث عن المعلومة من مكان آخر أو بوسيلة وأسلوب أفضل لأنَّ معلوماتنا قوية وسريعة وموثوقة.