"حزب الكنبة" وتنشيط العناصر الخاملة

حمود بن علي الطوقي

مصطلح "حزب الكنبة" ذكره سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي وكيل وزارة العمل لتنمية الموارد البشرية في المؤتمر الصحفي الذي نظمته وزارة العمل الأسبوع الماضي، رداً على سؤال أحد الصحفيين حول توجه الحكومة لتطبيق مقياس أداء على جودة العمل، بحيث يتم تقييم أداء الموظف المنتج أما الموظف غير المنتج فقد أطلق عليهم الوكيل مسمى "حزب الكنبة"، وأن هؤلاء ليس لهم مكان في الترقيات والمُكافآت.

إذن المصطلح كان بمثابة التنبيه الشديد الذي نبه الكثيرين خاصة موظفي القطاع الحكومي إلى أنَّ المرحلة المقبلة ستكون أكثر التصاقا بمفهوم جودة الأداء في تقديم الخدمات بما يرضي الجمهور؛ فالعمل الحكومي خلال المرحلة المقبلة يجب أن يقترن بالإنتاجية، وفئة المنتجين المتميزين سوف يخرجون من حزب الكنبة ويستحقون الترقيات والمكافآت.

هذا المصطلح "حزب الكنبة" الذي أطلقه سعادة السيد الوكيل تصدر مواقع التواصل الاجتماعي بل ظل حديث النَّاس حتى وقت كتابة هذا المقال، ليس فقط على المستوى المحلي بل تصدر منصات التواصل الاجتماعي الخليجي، ليُعزز قيمة العمل ويفرق بين الموظف المثابر والمكافح ونظيره المتخاذل. يُحسب لسعادة السيد وكيل العمل لتنمية الموارد البشرية هذا الحراك حول حزب الكنبة كمصطلح سياسي واقتصادي وذكره سعادة السيد في سياقه ليرتبط بقياس مهام وجودة الأداء في المؤسسات الحكومية.

من الضروري أن نفهم ونعي أنَّ الحكومة جهة تستثمر في الموظف، من خلال تقوية مهاراته وزيادة قدراته الأدائية وتنويع مهامه الوظيفية، وهذا لن يتحقق إلا بجعل الموظف يعي ما له من حقوق وما عليه من واجبات وعليه أيضاً أن يفهم القوانين المنظمة لقطاع العمل الذي ينتسب وينتمي إليه.

في اعتقادي أنَّه لتضييق الفجوة على الجهاز الإداري تنفيذ تقييم دوري للثروات البشرية المتكدسة في الوزارات، وتحويلها إلى مسارات ذات إنتاجية أكبر، بما يتناسب مع حجم الاستثمار والرواتب التي تدفعها الدولة لكل موظف، فمتى ما كانت هذه الفكرة مُتحققة بمعناها الواقعي والعملي، ومتى ما تمَّ سد نواقص الكوادر البشرية- بغض النظر عن المسميات الوظيفية- فإنَّ الشكوى من التكدس في مكان، والنقص في مكان آخر، سيقضي على الترهّل الأدائي من ناحية، وسيُعزز وجود الموظف المنتج من ناحية أخرى.

ربما من الضروري- في مرحلة التحول نحو الانتدابات الوظيفية- أن يتدخل مجلس الخدمة المدنية، وأن يرسم هذا المسار لهذا النوع من إعادة توجيه الطاقات، وتنشيط العناصر الخاملة في المؤسسات الحكومية، وتقليص مستويات الترهّل العددي، وتحسين المستويات الأدائية للمعاملات الحكومية، على الأقل من خلال قياس النتائج انعكاسها على الأداء المؤسسي الحكومي.

أجدني استحضر بدايات النهضة المباركة وأنا أتحدث عن الأداء لموظفي الحكومة؛ فمنذ بداية عصر النهضة المباركة وهناك نموذج إداري في رسم منهج العلاقة بين الشعب والحاكم، جسده والدنا الراحل السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- من خلال الجولات الميدانية والزيارات السنوية التي كان يقوم بها  في مختلف أشكال الجغرافيا العُمانية، وكان- رحمه الله- شديد الحرص على اصطحاب أصحاب المعالي الوزراء في جولاته تلك، حتى أصبحت هذه الجولات محل تقدير وإشادة على المستوى العربي والدولي ونعتت في الصحافة العالمية بالبرلمان المفتوح.

فهل وصلنا بأفكارنا نحو الارتكاز على تجويد العمل وتطبيق التوجيهات التي غرسها السلطان الراحل في المجتمع منذ أن تولى مقاليد الحكم عام 1970 وحتى فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها؟

وأوجه كلامي لمن ابتغى الوظيفة الحكومية أن يعلم أنها أمانة في عنقه؛ فهل نحن- والخطاب موجه لشريحة الموظفين في الحكومة- قادرين على تحمل المسؤولية؟ أم نتركها لمن هو أقدر على تحملها؟ هل سنظل نتمسك بأن نكون من "حزب الكنبة" أم نرتقي إلى حزب الإنتاجية والكفاءة الإدارية؟!

أترك مساحة الإجابة لمن ارتضى بالوظيفة الحكومية، متمنياً التوفيق للجميع من أجل البناء خلال المرحلة المقبلة تحت ظل القيادة الحكيمة لسلطاننا المفدى هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه.

الأكثر قراءة