انتعاش هائل في النصف الثاني

الاقتصاد العالمي يتلقى دفعة أمل جديدة مع بدء توزيع اللقاحات وفوز بايدن

ترجمة- الرؤية

شهد الأسبوع الماضي نشر بيانات حول الاقتصاد الصيني، تُظهر أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم تفادى الانكماش في 2020، بينما وعدت الإدارة الأمريكية الجديدة بـ"التصرف بشكل جيد" وبضخ حزم تحفيز في الاقتصاد، لمُواجهة الركود.

وحتى في أوروبا، التي لا تزال في منتصف موجة ثانية مؤلمة من فيروس كورونا، قالت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، إنه بمجرد استخدام لقاحات كوفيد-19 على نطاق واسع في جميع أنحاء القارة، يمكن التطلع إلى "انتعاش الطلب مع رفع التدابير الاحترازية وتراجع حالة عدم اليقين"، حسبما نشرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

ومنذ أن فاز بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وأثبتت اللقاحات فعاليتها، حققت أسواق الأسهم أداءً مرتفعًا؛ حيث ارتفع مؤشر MSCI العالمي للأسواق الناشئة بنسبة 12.2% في نوفمبر، تلاه مكاسب بنسبة 4.5% و3.6% في ديسمبر وحتى الآن في يناير على التوالي. وعندما قال بايدن يوم الأربعاء الماضي إنه كان "يوم تاريخ وأمل"، كانت أسواق الأسهم متقدمة على الرئيس الجديد بفارق كبير. ويقول رضا مقدم كبير المستشارين الاقتصاديين في بنك "مورجان ستانلي"، إنه على الرغم من وجود اختلافات في الرأي حول نطاق ومواقع التعافي الاقتصادي في عام 2021، فإن النمو في جميع أنحاء العالم سيكون أقوى مما يعتقده النَّاس لأنك ستتمتع بانتعاش هائل في النصف الثاني".

ويرتكز التفاؤل المتزايد على الأسس الثلاثة للصحة العالمية والسياسة والسياسة الاقتصادية، والتي تبدو جميعها أكثر استقرارًا وثباتًا مما كان يبدو ممكنًا قبل بضعة أشهر فقط. ويتمثل أهم أساس للأداء الاقتصادي في النجاح في التصدي لكوفيد-19. فقد أسهمت فعالية اللقاحات ضد الفيروس التاجي وبدء نشرها في جميع أنحاء العالم في تقليل المخاوف من أن الاقتصادات ستعاني من سلسلة من دورات "التوقف والبدء" المزمنة مع موجات متلاحقة من العدوى والإغلاق. ومع إعلان إدارة بايدن أنها ستبقى عضوًا في منظمة الصحة العالمية وتنضم إلى برنامج التطعيم العالمي "كوفاكس" لوقف انتشار الفيروس، تلقت فرص الدفع المنسق لقمع المرض أكبر دفعة لها منذ الموجة الثانية. ويقدر بنك جولدمان ساكس أنه في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة- حيث توزيع اللقاح بصورة أكبر- ستكون التأثيرات على الأداء الاقتصادي مرئية بالفعل بحلول الربع الثاني حتى قبل الوصول إلى مناعة مجتمعية فعالة. وكتب الاقتصاديون دان سترويفن وسيد بوشان ودان ميلو: "من المرجح أن يؤدي انخفاض عدد الإصابات قريبًا بفضل اللقاح، إلى انتعاش النمو من خلال تخفيف القيود وبعض التخفيضات في التباعد الاجتماعي الطوعي للمستهلكين".

ومع تعهد بايدن "بإصلاح تحالفاتنا والانخراط مع العالم مرة أخرى"، فإنَّ الخلفية الجيوسياسية الفورية أيضًا أكثر ملاءمة مما كانت عليه في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. ولا يتوقع كثيرون حلًا فوريًا للقضايا الدولية الخلافية، وستظل التوترات الواضحة بين الولايات المتحدة والصين بشأن السياسة التجارية والعلاقات عبر الأطلسي بشأن الضرائب على الشركات. لكن الارتياح واضح بين المسؤولين بأنهم لم يعودوا مضطرين إلى ضبط جزء من شاشاتهم بشكل دائم على تويتر في حالة حدوث انعكاس مفاجئ في السياسة الأمريكية، في إشارة إلى تغريدات ترامب التي كانت تكشف عن قرارات حاسمة اقتصادياً. وأشادت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، بـ"الفجر الجديد" في العلاقات.

وفي السياسات الاقتصادية، انتقل العالم إلى الحكمة التقليدية الجديدة المتمثلة في الحفاظ على الحوافز المالية والنقدية غير المسبوقة لعام 2020 حتى تُرسخ الاقتصادات الانتعاش، وينخفض معدل البطالة، وتتقهقر تهديدات الانكماش. وتحدثت جانيت يلين المُرشحة لمنصب وزير الخزانة الأمريكية، عن "إجماع" جديد بين الاقتصاديين في شهادة أمام الكونجرس. وبينما أقرت الحاجة إلى مراعاة عبء ديون أمريكا، قالت يلين "مع انخفاض أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها التاريخية، فإن أذكى قرار يمكن القيام به هو التحفيز على نطاق واسع".

واقترح بايدن حزمة تحفيز بقيمة 1.9 تريليون دولار لدعم تمويل الأسر الأمريكية المتضررة من الوباء وتعزيز حملة الصحة والتطعيم. وهذا يمثل حافزًا محتملاً بنسبة 9% من الدخل القومي للولايات المتحدة، وهو أكبر بكثير من الحوافز المالية للاقتصادات المتقدمة الأخرى حتى الآن.

ويسير الاتحاد الأوروبي في مسار مشابه مع صندوق التعافي بقيمة 750 مليار يورو المصمم لبناء اقتصاد جديد، وليس فقط دعم القطاعات المتعثرة. واستخدمت الصين بالفعل حافزًا ماليًا كبيرًا مماثلًا لضمان نمو اقتصادها اعتبارًا من الربع الثاني من العام الماضي، حيث حل الاستثمار العام الضخم محل الإنفاق الضعيف من قبل المستهلكين بينما كانت القيود الصارمة لا تزال سارية.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تداعيات الأزمة من المرجح أن تتسبب في تراجع نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 6% في عام 2025 مما كان مؤملا قبل الوباء. وهذا أقل بكثير من الخسارة الدائمة في الدخل بنسبة 25% بحلول عام 2025 التي توقعها صندوق النقد الدولي والتي أعقبت معدلات النمو المنخفضة بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، لكنها بالكاد تتناسب مع المزاج المبتهج في الأسواق المالية.

وعلى الرغم من التفاؤل بشأن عام 2021، إلا أن البنك الدولي يقول إن الطفرة الاقتصادية المتوقعة "لن تكون كافية لاستيعاب العاطلين عن العمل" وأن توقع عودة الاقتصادات إلى المسار الذي كانت عليه قبل الوباء "تبسيط كبير" للواقع.

تعليق عبر الفيس بوك