النظام الأساسي بين الواقع الملموس والمستقبل المشرق

 

 

خالد بن أحمد الأغبري

 

استبشر العُمانيون بالمرسوم السُّلطاني السامي رقم 6/ 2021 الذي قضى بإصدار النظام الأساسي للدولة والذي برز من خلاله الجهد الكبير الذي يبذله مولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله- لاستكمال التشريعات والقوانين المُنظمة لمسيرة نهضة عُمان الحديثة.

ليُؤكد جلالته بذلك على أهمية تطوير مُعطيات هذه المسيرة بما يتناسب ويتوافق مع مُتطلبات المرحلة القادمة التي تستهدف المزيد من العطاء والإنجاز والبُعد الاستراتيجي من منظور تحديث الأنظمة والقوانين ذات الصلة بإدارة الدولة ومواكبة مستجدات الحياة المُعاصرة وتعميق الروح الوطنية ومُحاسبة الذات ومتابعة الأداء والارتقاء بأدوات البناء المُؤسسي والتنموي الذي يفضي إلى مجموعة من القواعد والمرتكزات المُهمة ذات البعد الاستراتيجي المتطور والنهوض بواجبات الوطن وتحسين المستوى المعيشي للمواطن العُماني وتنويع مصادر الدخل القومي للبلاد وغرس المفاهيم الاقتصادية المُتنامية في ظل سياسة عادلة ومتوازنة وواضحة المعالم من أجل خلق فهم ثقافي عام وإرساء قواعد لمستقبل مشرق ومزدهر تتبلور قيمه ومحاوره في جملة من القواسم المشتركة بين القطاعات الرسمية والأهلية والخاصة بشكل عام.

كما إنَّ ولادة ذلك الحدث الكبير الذي يتمثل في المادة رقم (7) من هذا النظام بتنصيب وليٍّ للعهد الذي سوف يكون خليفة للسُّلطان وذلك في سابقة تاريخية لها صدى كبير وتأثير مُباشر في نفوس الشعب العُماني لكونها تخلق في النفس الاطمئنان وتُوثق الصلة بين الحاكم والمحكوم، كما إنَّ لها مدلولات ملموسة ووقع متميز فيما تحمله من مُؤشرات جيدة وصادقة ولها معانٍ رفيعة وعالية القدر حول تهيئة المناخ المناسب وتأهيل الشخص الذي سوف يؤول إليه كرسي الخلافة لشغل منصب السُّلطان عندما يشغر هذا المنصب بأي حال من الأحوال.

كما إنَّ ذلك سوف يكون له الدور الفاعل في تحديث قوانين الدولة وأنظمتها والتي سوف تأتي تباعاً من أجل تتويج الرُّؤية المُستقبلية لعُمان الحضارة والمجد وتفعيل الخطوات الإيجابية التي ينتهجها جلالة السُّلطان المُعظَّم هيثم بن طارق -حفظه الله- لتمكين الإدارة الحديثة من تحديد ملامح الخطط والبرامج التنموية والاستراتيجيات التي يقوم على أساسها حكم البلاد بصورة شاملة وعادلة وثابتة تحفظ حقوق الكيان العماني وترسخ مبادئ الأمن والاستقرار والدفع بمجالات التنمية المتجددة من خلال حزمة من المُتغيرات التي شملها وأقرها النظام الأساسي في مختلف المجالات والجوانب والتي من شأنها تعزيز منظومة الإدارة الحديثة والشاملة ومنحها الإمكانيات اللازمة لمواصلة العمل المشترك بين القطاعات المختلفة وبلورة البرامج الهادفة التي سوف تعمل على تسريع وتيرة التنمية وتفعيل الأنشطة والجهود المتكاملة التي تقوم عليها أعمدة ومرتكزات العمل ومقرراته في شتى مناحي ومفاصل الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؛ إذ إنَّ ذلك يُعد من أساسيات متطلبات المرحلة القادمة والنهوض بمرئياتها والتَّعامل مع مُعطياتها فيما سوف تشهده البلاد من مُتغيرات إيجابية بفضل القيادة الحكيمة والنظرة السامية لجلالة السُّلطان المُعظَّم -حفظه الله- والذي أرسى قواعدها وأنظمتها بالكيفية التي تتبناها الدولة من مُنطلق حرص جلالته السامي المتمثل في وضع كل الإمكانيات البشرية والاقتصادية والمعنوية في إطارات مُتعددة ومتجانسة ولها أبعاد استراتيجية وتنموية قادرة على التعامل مع كل التحديات والمتغيرات التي قد تظهر بين وقت وآخر نتيجة التحديات والمواجهات التي تدار من قبل بعض الجهات الخارجية التي تعمل من وراء الكواليس لصياغة مستقبل غير آمن وغير مُستقر يفتقد إلى الكثير من المبادئ والقيم الإنسانية والأخلاقية والتي تمثل أهمية كبرى وحساسة في مكونات الحياة البشرية سواء كان ذلك من حيث حب السلطة غير المشروعة وفرض الأمر الواقع على شعوب العالم أو التحكم في مصالحهم بصورة مباشرة وغير مباشرة، أو من حيث خلق تلك البيئة المبنية أهدافها على مقومات العنف وسلب حقوق الآخرين ودعم العنصرية وإراقة دماء المستضعفين ضمن سلسلة من الإجراءات والخطط التي يُراهن عليها أولئك الحاقدون والمتمردون على شريعة الله وخلقه، لكن عُمان بعون الله وتوفيقه وبفضل قيادتها الرشيدة ستظل فاعلة وقادرة على التَّعامل مع مختلف الكيانات والأطراف من أجل إرساء دعائم الأمن والاستقرار ومحطة تواصل وتفاهم وتسامح مع مختلف شعوب العالم.

إنَّ النظام الأساسي للدولة يُمثل قواعد ومبادئ تشريعية تنظم سلوكيات المجمتع وتحفظ حقوق الدولة ومواطنيها وترعى مصالحهم وتحترم خصوصياتهم وتعمل على تصحيح مساراتهم وتمكنهم من أداء واجباتهم الوطنية والمجتمعية وتؤكد على مشاركتهم في رسم مستقبل بلادهم وفق منهجية ديمقراطية أصيلة، قوامها الشورى ومظلتها الشريعة الإسلامية وعقيدتها الوطن متاح للجميع وفلسفتها التَّمسك بالروح الوطنية المتسامحة والتي من شأنها تفعيل الدور الإيجابي لمد جسور التعاون والتعاضد لتحقيق المزيد من الإنجازات والعمل بكل جدية وإخلاص نحو مواصلة المسيرة الطموحة في مُختلف مجالاتها.

ومن أهم المؤشرات الإيجابية التي كانت مثار اهتمام الشارع العُماني مراقبة أداء المسؤولين في الحكومة ومتابعتهم ومحاسبتهم بشكل فاعل ودقيق، وهذا ما أكدته المادة رقم (65) الخاصة بإنشاء لجنة تتبع جلالة السلطان- حفظه الله- تختص بمُتابعة وتقييم أداء الوزراء ومن في حكمهم ووكلاء الوزارات ومن في حكمهم إلى آخر ما جاء بنص هذه المادة؛ الأمر الذي سوف يُؤدي في المقابل إلى إيجاد مساحة شاسعة من الثقة المجتمعية والتي كانت في السابق تشكل هاجس خوف وقلق باعتبارها محل نظر من حيث ظهور بعض الإخفاقات والتجاوزات التي أعطت انطباعًا سلبياً ورد فعل غير طبيعي لما نتج عن ذلك من إرهاصات ومتاعب مالية أرهقت ميزانية الدولة وتسببت في إثارة الكثير من التساؤلات التي لا تزال عالقة في أذهان المواطن دون أن تجد لها أي أجوبة واضحة نظرًا لحساسيتها، وبموجب هذه المادة ومدى أهميتها في تحقيق ميزان العدالة والمساواة في التعامل مع مثل هذه الحالات والتجاوزات التي سوف تتضح أهميتها من خلال المتابعة والمحاسبة القانونية والإدارية التي أكد عليها الخطاب السامي لجلالة السلطان المعظم في أكثر من مُناسبة من أجل ضبط تلك الإخفاقات والتجاوزات ومُعالجتها وفق المبادئ المنظمة لإجراءات المحاسبة بما يتناسب مع الحدث أيًا كان حجمه ومسؤوليته ومكانة ذلك المسؤول فهو مساءل عن أفعاله وتجاوزاته وإخفاقاته وذلك من أجل الإصلاح وتحسين مستوى الأداء ونشر ثقافة المحافظة على أملاك الدولة وديمومة الإنجاز ومحاسبة الذات.

وفي ختام مقالي هذا لديَّ شغف بأن يُعاد النظر في إجراءات التقاضي والقوانين المنظمة لها بحيث تعاد دراستها وتقييمها موضوعياً بما يتناسب مع بيئة المجتمع العماني والتحرر من بعض الإجراءات التي قد تتسبب في الضغط على المحاكم بصورة غير عادية مع تعطيل مصالح النَّاس ولي في ذلك تجربة دامت أكثر من خمس سنوات ومستعد لفتح ملفاتها أمام مكتب مولاي -حفظه الله-.

وهذا القول مني كوجهة نظر ليس إلا مع يقيني التام الذي لا يخامره أدنى شك بأنَّ مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله- هو الراعي الأول والأخير لمصالح النَّاس وبنظرته السامية نصل إلى الأهداف والغايات التي من شأنها خدمة المصلحة العامة والله ولي التوفيق والقادر على كل شيء نعم المولى ونعم النصير.

تعليق عبر الفيس بوك