التحديات والمخاطر للمؤسسات الصغيرة (3)

 

عادل الحبيشي

من أكثر المخاطر التي تواجه المؤسسات هي مخاطر الإدارة المالية، ويعتقد الكثيرون أنَّ الإدارة المالية لا تختلف عن المحاسبة، وهذا خطأ يقع فيه الكثيرون حيث إنَّ المالية تدرس الوظائف المالية في المؤسسات وسبل الاستثمار وكذلك مصادر التمويل ودراسة هيكل التمويل وكذلك تحديد الميزانيات ودراستها أما المحاسبة فتدرس جداول الحسابات للمؤسسات وتسجيل الحسابات.

وتبدأ الإدارة المالية من إعداد الميزانية للمشروع والفخ الذي يقع فيه كثيرون هو المصاريف أو التكاليف الكامنة أو الخفية التي لم يتم التفكير فيها فينصدم صاحب المشروع بحجم التكاليف التي لم يحسب لها حساب. فما يشغل بال أكثر أصحاب المشاريع هو التجهيزات للمشروع (المعدات والأجهزة) والإيجار وتخمين للمرتبات بأقل ما يمكن، وينسى الكثير من الأشياء الرئيسية كالتكاليف الكامنة لاستقدام عمالة أو تكاليف الشحن والجمارك مما يؤثر على آليات التسعير ليفاجأ بأنه يبيع بأقل من سعر التكلفة الفعلية، ويكتشف أنه يتعرض للخسارة بعد فوات الأوان.

سأعود إلى المقال الأول من هذه السلسلة والذي تحدثنا فيه عن أهمية وجود خطة للعمل واتفقنا بأنها من أهم الآليات التي يجب أن يقوم بها صاحب المشروع حيث إنَّ كتابة الخطوات الفعلية التي سيتم من خلالها تنفيذ المشروع ستحدد الاحتياجات الفعلية للمشروع مما سيمكننا من تحديد التكلفة لكل خطوة كما ستمكننا من التعرف على مواقع الخلل وكشف الكامن من التكاليف وفي كل خطوة من خطوات التنفيذ كل ما استطعت أن التزم الدقة تكشفت لي مكامن التكاليف، وبذلك لن أبالغ في رأس المال المطلوب لبدء المشروع ولن أبدأ بمبلغ ناقص كما في بعض المشاريع التي تتعثر لعدم كفاية رأس المال.

وهناك من يعتقد بأنَّ رأس المال يجب أن يكون فقط لبدء المشروع ولا يعي رأس المال التشغيلي ويعتمد فقط على رأس المال التأسيسي أو يبخس الأول ويحاول أن يعمل على أن يخفض منه بصورة غير سليمة فبدل أن أوظف مهندساً براتب 800 ريال سأوظف فنياً براتب 400 ريال على سبيل المثال وينسى أن دور ومسؤولية وخبرة هذا الفرد لن تغطي الغرض من التوظيف، كما يهتم الكثيرون بشكل وديكورات المشروع ويبالغ فيها دون دراسة أو حتى إن كانت تضيف قيمة إلى المشروع، ويتغاضى عن أمور مهمة كآليات تقديم المنتج/الخدمة وعرضها على الجمهور. لذا فإن وجود خطة عمل واضحة المعالم دقيقة في جوانب التنفيذ سيكشف لنا كل خفايا التكاليف في المشروع وقبل البدء فيه، كما إن الإدارة المالية السليمة ستمكننا من معرفة قدراتنا على السداد من خلال السيولة النقدية وكم نحتاج منها ليستمر المشروع دون تعثر، ومن المهم وجود رأس مال احتياطي لأي مشروع ليساهم في استمرار المشروع في حال توقف العمل في المشروع لأي سبب من الأسباب كما حصل في فترة الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19.

وسأعود للحديث عن رأس المال التشغيلي الذي يعتقد عدد كبير من الأفراد أنه غير مهم أو لا يتعدى حسابه ثلاثة أشهر حيث يعتقد الكثيرون أن المشروع سيصل إلى نقطة التعادل في تلك الفترة فلن يحتاج إلى أكثر من ذلك دون حساب لفترة استرداد أو دورة رأس المال خصوصًا إذا كان يملك مخزوناً من المنتجات ويجد نفسه خلال ستة أشهر لا يملك لا المخزون ولا رأس المال اللازم لشراء مخزون جديد مع أن لديه حساب دائن كبير لعملائه وعليه حساب مدين كبير لمورديه دون وجود السيولة التي يحتاج لها خلال فترة استرداد رأس المال.

لذا يجب فهم الاحتياجات المالية للمشروع من إعداد الميزانية ويجب تحري الدقة في الأرقام على أن تكون تلك الأرقام واقعية وليست مبنية على تخمينات أو فرضيات غير مدققة أو مدروسة بصورة سليمة لتفادي الوقوع في فخ التعثر المالي.

 

 

مستشار أول

مركز الزبير للمؤسسات الصغيرة

تعليق عبر الفيس بوك