د. خالد بن علي الخوالدي
Khalid1330@hotmail.com
مرحلة جديدة يشهدها مجلس عُمان بعد صدور المرسومين السلطانيين رقم 6و7/2021، واللذين تمَّ بموجبهما إصدار نظام أساسي للدولة يمنح هذا المجلس مزيدًا من الصلاحيات والحقوق التي تمَّ إقرارها سابقا ضمن أهداف رؤية 2040، ويُمثل هذان المرسومان باراقة أمل لهذا المجلس، الذي كثُر الحديث حوله وحول أعضائه خلال الأسابيع الماضية.
ففي الوقت الذي شهد اعتراضات شعبية على الدور الذي يُقدمه مجلس الشورى وشكاوى أعضائه في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، من تهميش دور المجلس وعدم منحه الصلاحيات، وأنَّ الأعضاء يستمعون مثلهم مثل المواطن العادي إلى القرارات الحاسمة والفاصلة في حياة المواطن والدولة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، جاء هذان المرسومان ليضعا خارطة طريق جديدة لهذا المجلس الذي رآه الكثيرون مجرد برواز وليس له أية أهمية.
وما يُدلل على أن الشارع العُماني زاد استياؤه من دور المجلس، هو النسبة العالية التي صوَّت بها المتابعون على سؤال في "تويتر" مفاده: "بعد أن فقد مجلس الشورى هيبته ومكانته البرلمانية، وأخفق في مواضيع عدة كرفع الدعم عن الكهرباء والماء وفرض ضريبة القيمة المضافة...وغيرها، هل ترى هناك ضرورةً لاستمراره وتكبُّد الدولة مصاريفه العالية، أم تطالب الحكومة بإلغاء المجلس؟"، وجاءت نسبة من يرى استمرار المجلس 12.5%، بينما رأت النسبة الأكبر إلغاء المجلس حيث وصلت النسبة إلى 79.4%، وكانت النسبة الباقية 8.2% محايدة، وبقراءة بسيطة لهذه النسب نرى مدى العتب والزعل وعدم الرضا على ما قدمه المجلس خلال السنوات الماضية.
وأسهمت تصريحات عدد من أعضاء مجلس الشورى عبر وسائل الاتصال في تعزيز نظرة الشارع لدور المجلس ومكانته، والتراجع الخطير والكبير لمكانته؛ حيث قال سعادة حسن كشوب أحد أعضاء المجلس في تصريح له: "يجب أن نقول للمجتمع بصراحة إنَّنا مجلس بدون صلاحيات دون أن نكذب، والقرارات نسمعها في التليفزيون"، وقال سعادة الشيخ سلطان بن حميد الحوسني: "لا يمكن أن يكون مجلس الشورى مثل مسرحية "شاهد ما شافش حاجة"، نحن نتحدث عن خطة التوازن المالي وقراراتها ولا نعرف عن التفاصيل والأهداف، نحترم ونقدس مباركة جلالة السلطان لهذه الخطة، ونحن لا نريد أن نوصي بل نريد أن نطالب ونريد أن نوصل الحقيقة للمقام السامي".
وحول نفس الموضوع، جذبني حديث إذاعي للدكتور أنور الرواس الجريء، الذي كان مصدر إعجاب من قبل الشارع العماني؛ حيث قال: "كلٌّ يعمل بطريقته الخاصة لا مجلس الشورى يدرك ويعرف ما تعمل به الحكومة، ولا الحكومة عندها استعداد أن تتواصل أو تتشاور مع مجلس الشورى، إذن ما الفائدة من تلك المؤسسات أو دولة المؤسسات"، وأشار إلى أنَّ أعضاء مجلس الشورى خذلوا الشارع العام، ونوَّه بأنَّ الصلاحيات تنتزع وإن المشكلة داخل المجلس وبين أعضائه أزمة "مع وضد"، وإن هذا ضد المواطن وهذا ما أدى إلى خذلان الناخب العماني الذي أصبح ليس لديه ثقة، وعلى أعضاء المجلس أن لا تكون لغتهم انهزامية وعاطفية، وأن يكون لهم موقف وليس شرطا مع الشارع العماني بل مع من يرونه مناسبا، وطالب بالمحافظة على مجلس الشورى بحكم كونه مجلسا تشريعيا ورقابيا وضمن المنظومة التي تعمل بها الدولة.
... إنَّ المرحلة المقبلة تستوجب من المجلس أن يغيِّر الصورة الباهتة التي ظهر عليها خلال السنوات الماضية، وأن يُبرهن على المكانة الحقيقية له في صُنع القرارات والقوانين في السلطنة، وبذل قصارى الجهود لكسب ثقة الناخب العماني، ونحن نؤمن بأنَّ الأعضاء قادرون على تقديم صورة مشرفة لما وصلت إليه البلاد من تقدُّم برلماني، والاستفادة من المرسوم الجديد لصُنع علامة فارقة للمجلس في السنوات المقبلة، والاستفادة من الأخطاء السابقة، وتحويلها إلى إيجابيات معززة للعمل البرلماني، ونحن نثق بأن المجلس سوف يكون في الاتجاه الصحيح عندما يُمنح الصلاحيات الكاملة، وسيحقق تطلعات ومصالح الوطن والمواطن، ودُمتم ودامت عُمان بخير.