عُمان "فإنك بأعيننا"

 

 

يونس بن مرهون البوسعيدي

يجب أن لا تقف في ظلال الذاكرة إذا كانت الشمس تدخل من زجاج النافذة، هذا ما حدث يوم 11 يناير 2020م، حين استيقظ الوطن الأغلى عُمان على ارتقاء مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أبقاه الله- عرش الوطن العظيم عُمان بعد وفاة قائد النهضة الحديثة خالد الذكر مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- وارتقائه إلى جوار ربه بعد سبعين عامًا من المجد والكرامة لأمتيه العربية والإسلامية، وللآن وكل عُماني يحملُ في قلبه جرسًا من الحزن والأسى، بل يتعدى صدى هذا الأسى لأصقاعٍ من المعمورة، أظلتها اليد القابوسية، والصيت الذي عبق به السلطان قابوس رحمه الله تعالى.

يُرج البحر لو أطلقت فكرتك في الحديث عن مآثر السلطان قابوس، وتشدُّ الذاكرة الزمنية أوتارها، ونسيح في التذكارات القابوسية التي لا تنتهي، حسبك أن تقول قابوس، ليقول القلب آهٍ وآه. قابوس المبتدئ قبل 18 نوفمبر 1940م، القابض بتوفيق الله وقوة العدل على العلم العُماني يوم 23 يوليو 1970م، وغير المنتهي يوم 10 يناير 2020م، قابوس المحطات السمائية المتقاربة مع بعضها كخرزات المسباح، المتوالية كنبضات العشاق، قابوس قوة الصبر والعزم والشكيمة، قابوس الحكمة والحنكة السياسية، قابوس الجود والسمت والشجاعة والحب لوطنه وشعبه، الوارف للأرض والإنسان، قابوس الإلهام والفراسة، قابوس قواميس السعي للكمالات، وانغراس الحب طواعية في قلب من عرف قابوس.

لو حاولت مشاطأة العهد القابوسي، فستجد أن من أحلى ضفافه تلك الوصية المحبرة بالفراسة بتولي السلطان هيثم بن طارق المعظم لمقاليد الحكم في البلاد، تلك الوصية المتوقع أنها كتبت في تسعينيات القرن الماضي، والتي طعمت بقوله رحمه الله: "فإننا وبعد التوكل على الله، ورغبةً منا في ضمان استقرار البلاد؛ نشير بأن يتولى الحكم السيد هيثم بن طارق، وذلك لما توسمنا فيه من صفاتٍ وقدراتٍ تؤهله لحمل هذه الأمانة، وإننا إذ نضرع إلى الله العلي القدير أن يكون عند حسن الظن الذي دعانا إلى اختياره، والثقة التي دفعتنا إلى تقديمه، فإننا ندعوكم جميعًا إلى مبايعته على الطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره...".

ولو سلمنا بتاريخ كتابة اسم جلالة السلطان هيثم في الوصية، فإن الفترة الممتدة من تاريخ وضع اسمه المعظم باليد القابوسية الكريمة، حتى توليه الحكم يدل على ثبات الشخصية الهيثمية في عين المغفور له السلطان قابوس، وهو ما يعطي رسوخًا في القناعة على استقرار البلاد وازدهارها بتوليه حفظه الله، وإذا تتبعنا مسار جلالته بالبلاد في قوسي سنةٍ من توليه مقاليد الحكم في ظروفٍ عالميةٍ استثنائية، ليس أولها الأزمات الاقتصادية العالمية، ولا آخرها جائحة كورونا، وما قرره حفظه الله من هيكلة الجهاز الإداري للدولة، ولو نظرنا في تلك السنة للثبات في المسيرة، والرزانة المعتادة في شخصيته حفظه الله لأيقنت أن هذه البلاد حبيبة الله، نقل أمرها من سلطان خير، إلى سلطان خير.

كانت الأجواء العُمانية يومي 10 و11 يناير 2020م ترسم الأفق العُماني، كانت الغيوم السود تحجب ظفائر الشمس، إنما كانت الأمطار تلقي بشائرها على الأرض العُمانية، وكأن السماء كانت تقول لعُمان "واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا".

في يوم العاشر من يناير 2021م، أقف مع وطني معاهدًا الله عز وجل أن أكون له الباني وحامي الذمار، رافعًا نبضات الدعاء الصادق لمؤسس نهضة عُمان الحديثة المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- مجددًا عهد الولاء والطاعة لمولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله.

تعليق عبر الفيس بوك