◄ تدمير سوق العمل وانهيار التعليم ونشر الفقر وفرض اليأس.. التبعات المؤلمة لـ"إغلاقات كورونا"
ترجمة- الرؤية
قال تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية إنَّ تطوير لقاحات مضادة لوباء كوفيد-19 في أقل من عام، يمثل إنجازًا غير عادي، لكنه حذَّر من أن هذه اللقاحات من غير المرجح أن توفر تحصيناً ضد الفيروسات، رغم التجارب السريرية التي أثبتت أنها "فعالة للغاية" في منع المرض والوفاة.
وذكر التقرير أنَّ المعلومات المتاحة لا توضح ما إذا كانت اللقاحات فعالة في منع انتشار الفيروس، الأمر الذي يمثل حجر الزاوية لتحقيق المناعة المجتمعية. ولفتت المجلة في تقريرها إلى أنَّ حجم مشروع اللقاحات، والقدرة التصنيعية المحدودة، والقيود المفروضة على قضايا الملكية الفكرية تعني أن الأمر سيستغرق شهورًا قبل أن يكون هناك نشر جماعي للقاحات كورونا في معظم البلدان، فضلاً عن الفترة الكافية لتطعيم العدد المستهدف من السكان. بينما في أثناء ذلك، يزداد الوباء سوءًا.
وفي حين أنَّ نهج التكنولوجيا الفائقة أسهم في نجاح إنتاج اللقاحات، إلا أنه فشل إلى حد كبير في أماكن أخرى؛ فعلى الرغم من إنفاق المليارات لعلاج المصابين، إلا أن العالم يفتقر إلى علاج دوائي فعّال، فضلاً عن علاج واحد موثوق. وانتقد التقرير تطبيقات وآليات تتبع الاتصال والعدوى، وقال إنها لم تحقق أي نجاح يذكر، حتى في البلدان التي أبقت معدلات الإصابة منخفضة للغاية بفضل وسائل أخرى. لكن في بلدان مثل المملكة المتحدة، كانت تلك التطبيقات إخفاقاً باهظ الثمن. ويعد الفحص المخبري للفيروس، أمرًا أساسيًا للتحكم في تفشي المرض، كما إن تحليل PCR (تفاعل البوليميراز المتسلسل)- الذي يمثل أهم معايير الفحص- فشل في المهمة الأولى للتحكم في المرض، وهي: تحديد وعزل المصابين.
ولذلك تُؤكد المجلة أنَّ العالم يحتاج إلى حل منخفض التقنية، يوفر اختباراً سريعاً ورخيصاً وفعالاً في نفس الوقت. فتكلفة ضحايا النهج الحالي هائلة؛ حيث تشهد الولايات المتحدة أعدادًا قياسية من حالات دخول المستشفيات والوفيات. وبينما نجح الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير في إبطاء الموجة الأولى من كوفيد-19، عادت العديد من البلدان إلى الإغلاق لمدة شهرين على الأقل. وحتى السويد فرضت قيودًا أكثر صرامة. وفي شرق آسيا، يُهدد فيروس الشتاء المتجدد النجاحات التي حُققت بشق الأنفس في اليابان وكوريا الجنوبية وغيرهما.
ومع ظهور سلالة B117 شديدة العدوى وسريعة الانتشار في المملكة المتحدة، وسلالة مُماثلة من جنوب إفريقيا، فإنَّ الحاجة ماسة للتخلص من القيود الكارثية لنظام الفحص الحالي؛ فبدون أداة سهلة للكشف عن المصابين بالعدوى، تظل عمليات إغلاق الحدود وفرض قيود على السفر وعمليات الإغلاق العام، الخيارات الوحيدة لكبح جماح العدوى وتجنب قرارات الحياة والموت الجماعية من قبل الطاقم الطبي المنهك بالفعل في المستشفيات المُجهدة. ومثل هذه التدابير تتسبب في تكاليف اقتصادية واجتماعية هائلة، فقد دمرت عمليات الإغلاق مئات الملايين من الوظائف، وقلبت نظام التعليم، ونشرت الفقر والجوع، وفرضت حصيلة رهيبة من العزلة والوحدة واليأس.
وفيما تنتظر معظم الدول التطعيم الشامل، فمن شأن تنفيذ فحوصات واسعة أن توفر بديلاً حقيقيًا للاختيار الكئيب بين الإغلاق والوفيات. حتى في المستقبل مع توافره، فقد لا يكون اللقاح حلاً سحريًا. وفي حين أنَّ اللقاحات ستنقذ حياة الكثيرين، وخاصة كبار السن، فقد جرى الموافقة عليها على أساس فعاليتها في الوقاية من المرض والوفاة، وليس في وقف الانتشار. ونظرًا لأنَّ هذا الأخير يمثل شريطا مناعيًا أعلى، فمن المحتمل أن تكون اللقاحات الفعَّالة أقل نجاحًا في وقف الانتشار. وقد تكون استراتيجية إعطاء جرعة واحدة لتوفير بعض الحماية السريرية أمراً معقولاً، لكن تأخير جرعة ثانية قد يهدد قدرتنا على وقف الانتشار. خاصة وأن زيادة تسجيل حالات إصابة بين متعافين سابقين، قد تعني أنَّ المناعة الطبيعية لها فترة صلاحية قصيرة. وسيبقى الفحص أمرًا ضروريًا.
ورصدت المجلة فوائد الفحص في أوقات الجائحات؛ منها تحديد العدوى لفرض العزل وتتبع الاتصال في الوقت المناسب، والتأكد من تشخيص المرضى سريريًا، وهو أمر مهم خاصة في حالة الأمراض التي تكون في الغالب خفيفة وتظهر بأعراض غير محددة. ومن الفوائد أيضاً أن الفحص يمثل اختبارا لتحديد فعالية اللقاحات في الحد من انتشار العدوى، لأنَّ ما يقرب من 50% من انتقال العدوى يكون صامتًا، و20% من المصابين لا تظهر عليهم أعراض؛ لكنهم قد ينشرون الفيروس. ونظرًا لأن اللقاح مصمم للقضاء على الأعراض، فإنَّ الفحص المُتكرر يُعد الطريقة الوحيدة لمعرفة ذلك. كما يساعد الفحص المتكرر على رصد الطفرات الجينية للفيروس، مثل النوع الذي ظهر في المملكة المتحدة.
واختبار PCR الحالي، يكلف من 50 إلى 150 دولارًا، ويتطلب مختبرات ومعدات متخصصة وخبراء مهرة لإجرائه، مما يحد من قدرته على تلبية الطلب المتزايد، ويمكن أن تؤخر هذه القيود النتائج لمدة تصل إلى أيام. وفي المقابل، تمثل اختبارات المستضدات السريعة حلا مثالياً لإجراء فحوص لا مركزية، خاصة في المجتمعات والمدن ذات مستوى العدوى المعتدل إلى العالي؛ حيث يكون تتبع الاتصال محدودًا للغاية أو ببساطة مستحيلًا.