خلفان الطوقي
هذا الأحد ليس يومًا عاديًّا.. إنه أول يوم عمل بعد انقضاء عام استثنائي هو عام 2020م، يوم الأحد هذا هو أول يوم عمل لرؤية عمان 2040، وأول يوم من تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة؛ لذلك فهذا اليوم ليس عاديا إنما يوم عظيم، وعلينا أنْ يستشعر المجتمع بكل مكوناته -الفردية والمؤسسية- أهميته وحجم المسؤوليات العظيمة التي يتأمَّل المواطن والمقيم والزائر أن يُلامسها، والتي تتوافق مع تطلعاته وطموحاته.
وبما أننا بدأنا أول يوم من الرؤية الوطنية "عمان 2040"؛ فلابد أن تتغير سلوكيات وعقليات الشخصية الحكومية، ولا يُستنى منها أحد، لكن تبقى للإدارات العُليا مسؤوليات أعظم؛ بحكم تأثيرهم وصلاحياتهم، وأهمها استيعاب ووضع هذه "القواعد" حاضرة أمام مكاتبهم:
أهمية الوقت: إنَّ عامل الوقت في غاية الأهمية، والساعة تعني الكثير عند الأمم الحية، خاصة التي تحاول أن تتقدَّم وتنمو وتكُون في المقدمة، وكلُّ ساعة مُهدرة تعني خسارة لنا، ومكسبًا لمن ينافسنا.. أهمية الوقت تكمُن في سرعة القرار، وسرعة الإجراءات، وسرعة إنهاء المعاملات، وسرعة التأقلم مع المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، لم تعُد كالسابق كلمة مطاطية، بل يمكن أن تقاس وتقيم وتحطم من الأرقام السابقة فترة بعد فترة.
قانونيا: هناك محاولات ومبادرات سابقة على سبيل المثال لا الحصر: "مختبرات تنفيذ 2017م"، حاولت التغلب على بعض العراقيل الأزلية والتشابك في بعض المهام والصلاحيات بين الجهات الحكومية، وكثير من المبادرات صدمت بواقع صلب، هنا تأتي مهمة المسؤول الحكومي برفع توصية قانونية فورية تجعل جملة "غير مسموح" إلى "ممكن"، والممنوع إلى مسموح مع كلمة شكرا.
إنسانيا وخدميا: تركيز "رؤية 2040" في مجملها خدمة الإنسان ورفع شأنه، وهناك محور خاص في الرؤية باسم الإنسان والمجتمع؛ فإذا تمَّ تفنيد هذه الكلمة، فستجد المقصود هو توفير أفضل خدمة للمواطن والمقيم والزائر، وكيفية تجويد الخدمة بما يتناسب وسقف توقعاتهم الذي يتطور يوما بعد يوم، وما على المسؤول الحكومي سوى أن يستحدث الآليات واللوائح التنفيذية والسبل والممكنات الكفيلة لذلك.
تقنيا: طرح موضوع التقنية في السلطنة كان مبكرا ومنذ حوالي ١٩٩٧م، وإن تحققت بعض القفزات في بعض الجهات الحكومية، إلا أنها مُتأخرة ودون الطموح في بعض الجهات الأخرى، والمسؤولية تتطلب سرعة عالية لهذه الجهات أن تبدأ من حيث انتهى الآخرون، وتصل بمستوياتها لتواكب مثيلاتها من الجهات المتقدمة، والمسؤول الحكومي الحالي عليه أنْ تكون هذه النقطة أهم أولوية له عام 2021م، وتقليل نسبة مراجعة الوزارة التي يعمل بها بنسب قياسية، ويمكن أن يضع ذلك كنسبة مئوية، وأن يكون التدخل البشري محصورا ومحدودا جدا، ولا يزيد على نسبة مئوية معينة.
تنافسيا: كما يعلم الجميع أنَّ السلطنة عضو مشارك في كثير من المنظمات والمنتديات الدولية الرصينة الحكومية والمستقلة، وبحكم انضمامها يتم وضع ترتيب لها حالها حال الآخرين، ومعظم المسؤولين لديهم دراية كاملة -كل حسب اختصاصه- بترتيبنا، وحان الوقت لنتجاوز ذلك إلى أن نضع الترتيب السابق "معيارا تقيميا" ونحطمه سنة بعد سنة، ولتكن هذه الخطوة أداة "تقييم" إضافية، إضافة إلى أدوات "الحوكمة" المحلية.
النظرة الشمولية: تحقيق الرؤية ليس سهلا، بل يتطلب التكامل والتنسيق والانصهار الحقيقي بين الوحدات الحكومية، والعمل كعقل وروح وجسد واحد، والابتعاد عن مبدأ الجزر المتناثرة، واستبداله بمبدأ أعمق بأن أيَّ معاملة فردية او تجارية منجزة تعتبر نقطة إضافية لتحقيق فائدة عظيمة اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا، وستجلب نتائج إضافية تفيد الجميع.
الشعور بالمسؤولية: الحس المسؤول لابد أن يتحوَّل من شعور عاطفي إلى ترجمة واقعية في شكل مُبادرات ومشاريع وتطبيقات، وإجراءات تلامس كلَّ مراجع للجهات الحكومية؛ فالناس لا تصدق التصريحات الإعلامية الرنانة ما لم يلامسها في الواقع الذي يعيشه.
بداية التخطيط لرؤية عمان 2040 قد أكمل 7 أعوام، ولا مجال لتضيع مزيد من الوقت، خاصة أنه أصبح لها كيان مستقل بمسمى وحدة متابعة تنفيذ رؤية 2040، وتتبع مجلس الوزراء، وبرعاية مباشرة من مولانا السلطان هيثم بن طارق المعظم -نصره الله وأيده.