بناء النظام الإيكولوجي للمواهب التقنية

 

د. علي الحارثي

عميد جامعة التقنية والعلوم التطبيقية (الكلية التقنية العليا)

تضع بلادنا مسار التنمية الاجتماعية والاقتصادية في مُقدمة أولوياتها، وتعتمد قطاع تقنية المعلومات والاتصالات كمحور دعم رئيسي لتحقيق هذا الهدف نظراً لدور التقنيات الحديثة المُتنامي في دعم مسيرة تطوير أعمال مُختلف القطاعات وتعزيز قدراتها التنافسية. ويتوقع أن تترك التكنولوجيا الحديثة بصمة إيجابية واضحة في مسيرة التحول الرقمي وبناء الاقتصاد المُستدام القائم على المعرفة في السلطنة.

وتولي حكومتنا الرشيدة اهتماماً كبيراً بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في إطار رؤية 2040 التي تطمح من خلالها إلى إنجاز مشاريع التنمية الاقتصادية المُستدامة. لذا، يتزايد اعتماد الشركات والمؤسسات العامة والخاصة في عُمان على التكنولوجيا الحديثة لدفع عجلة الرقمنة التي ستؤتي ثمارها على صعيد زيادة الإنتاجية، وخفض التكاليف وتسريع الخدمات ورفع جودتها. وستُؤدي التقنيات الحديثة كشبكات الجيل الخامس دوراً جوهرياً في صياغة مستقبل جديد للمجتمعات والأعمال، خصوصاً عندما يتم دمجها بمميزات تقنيات ثورية أخرى كالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وتحليل وتخزين البيانات الضخمة. ويُسهم الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا الرقمية في توفير المزيد من فرص العمل في القطاعات التقنية، مما يُبرز أهمية التركيز على تحفيز الشباب للاهتمام بآخر مستجدات التكنولوجيا والعمل على إعداد جيل جديد من المواهب التقنية وتزويدهم بالمعرفة والخبرات اللازمة لتعزيز مهاراتهم ليكونوا على أهبة الاستعداد لقيادة قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات والمساهمة في صياغة مستقبل أفضل لوطنهم.

وتُعد عُمان واحدة من الدول الرائدة في التعليم العالي، حيث تهتم الحكومة الرشيدة بتمكين الشباب وتطوير قدراتهم للمساهمة في ازدهار البلاد وإنجاز المشاريع والخطط التنموية تماشياً مع أهداف السلطنة التي تطمح إلى أن تكون بين أفضل 40 دولة على مُؤشر تنمية الشباب بحلول عام 2030. وتبذل الحكومة جهوداً كبيرة لتعزيز العلاقات بين القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية وبناء مزيد من جسور العمل المشترك لتمكين الشباب العماني من دخول سوق العمل المحلي وهم يمتكلون أحدث الخبرات العملية الكفيلة بتسريع عملية التنمية في السلطنة ورفع سقف تنافسيتها العالمية.

النظام الإيكولوجي للمواهب التقنية في السلطنة الذي تسهم جامعة التقنية والعلوم التطبيقية ببنائه في إطار النظام الإيكولوجي الشامل والمتكامل لتقنية المعلومات والاتصالات من أهم مقومات نجاح مسيرة الرقمنة. وتسعى الجامعة لتحقيق التميز في هذا المجال من خلال الاهتمام الكبير بتطوير المناهج الدراسية بالتماشي مع التطورات المتسارعة للتكنولوجيا. ولدينا تجربة رائدة في التعاون مع شركة هواوي العالمية التي توفر من خلال مبادراتها وبرامجها كمُسابقة تقنية المعلومات والاتصالات طيفاً غنياً من دورات التدريب المتقدمة على التقنيات الحديثة ومنصات للتنافس نسعى من خلالها لتنمية مهارات الشباب الموهوب وإطلاق العنان لفكرهم الابتكاري وقدراتهم الإبداعية في المجال التقني. وبفضل هذا التعاون، نوفر للطلاب أحدث العلوم التقنية وأفضل الممارسات على المستوى العالمي لجسر الفجوة بين التعليم النظري والمهارات العملية المطلوبة في سوق العمل. كما توفر هذه البرامج للمواهب العديد من فرص التواصل والتنافس على المستوى الدولي، وتسهم في تعزيز دور الكوادر البشرية المحلية الواعدة في إنجاز التحول الرقمي الذي يعتبر أحد الركائز الهامة للعديد من الخطط والمبادرات والرؤى الوطنية الطموحة التي أطلقتها القيادة في السلطنة برعاية رشيدة من حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق حفظه الله الذي أولى اهتماماً خاصاً بتطوير الكوادر الوطنية والاعتماد عليها.

التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص جسر حيوي أساسي لإنجاز أهداف التحول وإعداد جيل تقني قيادي قادر على تولي مسؤولية الاستفادة القصوى من التكنولوجيا وتسخيرها لصالح مستقبل التنمية الاجتماعية والاقتصادية في السلطنة. وسيسهم التعاون بين المؤسسات الحكومية والجامعية ووكالات التدريب ومؤسسات القطاع الخاص في دعم نهج الابتكار وتنمية النظام الإيكولوجي للمواهب التقنية المحلية، مما يُمكننا من وضع الأسس المتينة لبناء قطاع تكنولوجي مزدهر يُسهم في تحقيق رؤية التنمية الوطنية في عُمان وبناء اقتصادها الرقمي المتنوع القائم على المعرفة.

تعليق عبر الفيس بوك