المرأة لا تقوى على "الثلاثين"

 

د. خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

 

عُمان دولة الحرية والشفافية كما عهدناها، وواجبنا احترام التوجيهات السامية والقرارات الحكومية، وقد نصَّت الأوامر برفع الحد الأدنى للتقاعد للموظفين من (20) سنة إلى (30) سنة، وكانت ردود الفعل مُتفاوتة فهناك من تفاءل خيراً وهناك من نزل عليه الخبر كالصاعقة وعلى رأس هؤلاء الموظفات.

نعم هناك موظفات يرغبن في مُواصلة العمل حتى أعلى من الحد الأدنى الذي قررته الحكومة لأنهن يعملن في وظائف مريحة ووظائف على "كرسي دوار"، بينما أغلب الموظفات يحسبن الأيام يوماً بعد يوم حتى يكملن (20) عاماً ويخلدن للتقاعد بعد مشوار طويل من العطاء والجهد والبذل لأجل الوطن وما يتخلله من عناء وتعب ومشقة وضنك، مُؤمنات بأنَّ هذا البلد الغالي يستحق منِّا كل شيء، وإن كانت المرأة تعمل في كل القطاعات إلا أن قطاعي التعليم والصحة يستقطبان أغلب الموظفات وهما القطاعان الأكثر عملاً ومشقة وتعباً فعملهن لا يعرف ليلا ولا نهارا ولا وقتاً محدد لذا كان الأغلب منهن يبكين دماً بعد صدور هذه الأوامر، والغصة والألم والحسرة تعلو وجوههن وترتسم على ملامحهن.

وقد أجريت استبياناً قصيرًا عبر منصة تويتر فحواه "هل المرأة قادرة من جميع النواحي على مواكبة القرار الأخير للحد الأدنى للتقاعد بثلاثين عاماً؟" فكانت النتيجة: 86% ممن صوتوا يرون أنهن غير قادرات على مواصلة العمل وفق هذا القرار، وكذلك الحال كان التفاعل كبيراً جدًا مع تغريدتي التالية: "حكومتنا الموقرة.. المرأة لا تقوى على العمل لمدة 30 عاماً متوالية..أغلب النساء ينتظرن الوصول إلى 20 سنة بفارغ الصبر.. افتحوا المجال لهن اختيارا للتقاعد بعد مضي 20 عاماً.. فتكوين المرأة الجسدي لا يسمح لها.. ووضعها الصحي والاجتماعي لا يتناسب مع المدة الحالية.. رفقاً بالقوارير قالها الحبيب المصطفى"، وهذه فحوى التغريدة نقلتها كما هي دون زيادة أو نقصان وقد جابت السلطنة من أقصاها إلى أقصاها في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.

إنَّ القرارات الأخيرة بشأن التقاعد شغلت الرأي العام العُماني بأكمله، فهناك من خطط للخروج مبكرًا من العمل إلى آفاق أخرى يرى فيها نفسه، فعملية الإلزام مضرة بالإنتاجية برأيهم، لذا يفترض في المشرع أن ينظر إلى هذا الموضوع بأهمية بالغة، وإن كان أغلب الرجال يفضلون العمل لمدة أطول لكثرة الالتزامات الحياتية المادية، فإنَّ المرأة تجد نفسها مظلومة جراء رفع الحد الأدنى للتقاعد إلى ثلاثين عاماً لظروفها الاجتماعية والأسرية والصحية من حمل وولادة وعناية وتربية للأطفال.

والحل الأنسب من وجهة نظري لهذا الأمر هو فتح المجال لجميع الموظفات اللاتي على رأس عملهن حالياً بالتقاعد بعد 20 عامًا بشكل اختياري ومن ترغب في المواصلة فلها ذلك، فمن الصعب أن تكون الموظفة قريبة من إكمال العشرين بعملها وتنتظر مرة أخرى عشر سنوات.

رفقاً حكومتنا المُوقرة بالمرأة العُمانية؛ فهي مربية أجيال المستقبل وقد حرمت لسنوات طوال من احتواء أسرتها، افتحوا المجال لها للاهتمام أكثر بدورها الحقيقي في تنشئة الأطفال وأبناء عُمان، أجعلوها ملكة في أسرتها وبيتها فعشرون عاماً كافية لها في خدمة وطنها ومجتمعها وهي لن تتخلى عن هذا الجانب بل ستظل تخدم عُمان ومجتمعها من خلال أولادها النجباء والصالحين، ولا تلتفتوا يا حكومتنا الموقرة للأصوات التي تُناشد بالمساواة وضرورة أن يطبق عليهن ما يطبق على الرجال فالله سبحانه قال (وليس الذكر كالأنثى) فهو أقدر على الخدمة من الأنثى وكما قال الحبيب المصطفى "رفقاً بالقوارير"، وقول المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس- طيب الله ثراه- ليس ببعيد من هذا حين قال "الرحمة فوق القانون" ودمتم ودامت عُمان بخير.