"أيوه"

عائض الأحمد

كَم من قائل تفوَّه بها فأدرك معناها.. من حوله ودعاه بها، لن تجدها في قاموس "العربية" ولكنها ستأتي بأي ألم أنطقك، وأي دموع انهمرت يسبقها "أيوه"، يا ليل الشتاء ما أطولك تأخذني ترهق أحلامي الصغيرة.

كلما اختلفت "جغرافية" قائلها كانت دالة على حيرته وحسرته، اختصرت لوعة محب وألم عاشق، ونداء مواطن بلا وطن سحقه جبروت وطغيان سيده، فلم يجد من يصغي له "أيوووه" مُؤلمة حد الضحك، ومضحكة حد البكاء.

يقول وقد تجاوز الستين ويزيد: "في قلبي فتاه عِبْريَّة"، لم أكن أعلم بأنها عابرة طريق حتى توقفت، وسألتني: ماذا أتى بك هنا؟

ونسيت أنها حلم يأتي ويذهب حاملا "أيوه" دون أن تعلم: هل كان حزن أم قدر لم يكن لي أو لها أن نعيشه دون ظروف فُرِضت لم يتجاوزها النهار، ولم يصحبها حلم ليل مضى، ثم استقرَّ مُردِّدا "أيوه"؟

"صابر".. ترك كل شيء خلفه وعاثت به الأيام، فرحلت فتاته وتركته جاثيا على ركبتيه ينظر إلى السماء، من قال لها أن ترحل؟ ومن كان سببا في مجيئها؟ هل لك أن تطلب الشمس؟ وهل لها أن تذهب دون وداع؟

ليس ذنبا اقترفته وليس عيبا طرقت بابه هى أقدار صنعت لنا فمشيناها، ربما خارت قوانا قبل أن نصل، وربما تبخرت أحلامنا دون أن نلمسها.

أخذت من اسمك "صابر" فما عادت منارًا أبدا، وما عادت بك الأيام ترقبها فكلُّ حلم يعقبه "صحوة" أو يخلفه عَبرة يسقطها فراق، وتكسب بها نظرة متربص يراهن على فشل الأحلام كما قالها "رهبان"، أحيانا القديم ما كان لكم هذا وما كان يجب، أين أنتم من حكمة أسديها، ومعروفٍ كنت أنشره دون أجر؟!

كثر أصحاب الفتيِّ فأنهككم الطريق وتعددت مساراته دون أن تجدوا له آخر، تاه البصر فأظلم القلب وانكسر، ونطقها مجبرا غير مخيَّر، وداعا زهرة البنفسج فأنا لم أعد أعلم  موطنك الأصلي، ولن يعنِي لي شيئًا غير أمل باللقاء تسوقه صدفة ويكتبه قدر.. علَّ عينًا دمعت تُبصر، وعلَّ قلبًا فَقَد حبيبا يرى ما فعل به الزمان.

----------------

ومضة:

فعلت كل شيء وبقي شيء كان سيغنيك عن كل الأشياء.

*****

يقول الأحمد:

نزعت قلبي ورحلت

تركتني جاثيا على ركبتي

أتوسلها ماذا جنيت؟  حبيبتى

 

ظهر القدر واختفت الحياه

مات كل شيء في لحظات

عدت منكسرا

متسائلا: لماذا أحببتك؟

أيُّ عشق هذا أحاطني

بك؟

أي ألم وجرح يسكنني الآن؟

أين أذهب منك وأنا أتوق لعودتك؟

أي جنون خلَّفته وراءك؟

أي فجور أطاح بنا؟

أي صنم كنا نعبده؟

فأوسعنا كفرا

وأي كفرٍ اعتنقناه؟

فأخذ حيلتنا

أي معتقد هذا يقتل أحبابه؟

 ويقود لإلحاده 

يا ساقي العذاب أوسعتنى شَجًى

هل لي بلحظه عناق تقطر من مبسمك شذى

أتلقفه

علَّه يروي الظماء

ثم نشهد خالقنا

بأنك أنا

وأنا أنت

هل علِمتي أن الحب لحظة

ليس لها اسم غير غياب.