المقارنة تخلق المفارقة

 

عائض الأحمد  

 لم أجد ولن أجد مُبرراً لتلك المفارقات الغريبة وما يتبعها من مُقارنات أقل ما يُقال عنها غير منصفة إن "رق" فيها هذا الوصف فهي تستحق أكثر ولكن لأنَّ الغالب فيها يتعلَّق "بكرامة الإنسان" وسلوكه فلعل هذا أقرب ما يُقال.

 يقول خبير الإدارة ذو المكانة العريضة ممارسًا ودارسًا ثم انتقل مُحاضرا يُشار له بالبنان، لم أجد أسوأ من ذاك المدير الذي يجمع النَّاس حوله ثم يبدأ في مقارنة "الفرقاء" على طاولته المستديرة وكأنه يوزع الهبات بين من أجاد ومن هو أقل إجادة،  ثم يختم بقوله على أمل أن يحذو الجميع حذو مدير العلاقات العامة في حضوره وبراعته ولباقته وردة فعله الحاضرة دائمًا، وعلى مدير المبيعات ورجل الحسابات أن يكون في نسخة مقررة ومكررة من هذا "المبدع" علماً بأن الحاجة لهذه الصفات ليست مطلباً لإنجاز عمل هؤلاء ولكنها تلك الأفكار البالية التي تضع الجميع في سلة واحدة وأنت اختر أيهما تشاء وستظهر مرة بعد مرة في كل خيار. 

 يقول علماء النفس بأنَّ الأكثر "سحقا" للإبداع أن تُقارن نفسك "بفلان" من النَّاس وأنت لا تملك كل مقومات النجاح التي يملكها أو يتمتع بها سواء كانت مكتسبة بتعليم أو خبرة ذاتية تُقاس بمقاييس أخرى ليست من مقومات شخصيتك. وأعتقد أنَّ هذا يدخل ضمن "تخريب" وتدمير ذواتنا، وكأنَّ الجميع يجب أن يكونوا "علماء ومديرين وأطباء وموظفي حكومة" وما إلى ذلك في قائمة خلقناها بأنفسنا ثم جعلناها هدفاً على الجميع أن يناله أو سيُكتب عليه الفشل.

يقول أحدهم نحن نعيش عالماً ثالثاً ثم يأتي على كل مشاهداته منبهرا بما رأى ويسقطه على بيئته الناشئة التي لم تر النور بعد.

 وليس أكثر سوءًا من كل هذا أن تجعل منه سلوكاً تستفز به أبناءك فتحرض أحدهم على الآخر دون أن تعلم بأنَّه أشد وأقسى من عقاب قد يقع عليه بل ويتمناه دون أن تُشير مجرد إشارة لهكذا حديث فاسد لن يأتي بخير أبدًا.

 إذاً عليَّ القول بأنَّ الدول "العظمى" تقارن نفسها بما كانت عليه، ثم تُصحح مسارها بين حين وآخر ثم تعود لتُقارن ما فعلته بما وصلت إليه، وليس بما يُقال عنها في صفحات الإعلام فيصفق لها البعيد ويمقتها الحاضر القريب. 

 وبما أنَّك فرد في جماعة فعليك أن ترى الجماعة فقط من خلال ما تُقدمه أنت دون النَّظر لما فعله أقرانك قم فقط بما يجب عليك فعله ودع الأمور تسير ببساطة فالطريق يبدأ بخطوة فقط.

 مع من هو "أكبر" فماذا عنك هل ستبقى "صغيرا" حتى في هذه، لم تكن مقارنة وإنما وصف حالة علنا نختم بها دون عودة لما اعتدنا عليه. 

 

 ومضة:

 أفعلها الآن ثم أغمض عينك ورددها مراراً فالفرصة تأتي مرة ثم تذهب، قد تعود ولكن بشكل آخر ربما لن يروق لك.

 

 يقول الأحمد: 

 شربت كأس مرارتها مرارا

 فظنت أنه شهدا

 أموت به حبا وعشقا.