ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com
فُجِعت ولاية بركاء، يوم السبت الفائت، بخبر وفاة طفلة في عمر الزهور؛ نتيجة صعق كهربائي من عمود الإنارة المجاور لمنزلهم، طفلة كانت تلهو وتلعب مثل باقي أقرانها، كانت الحياة بالنسبة لها مرحا ولهوا وسرورا، وكأن العالم في مخيلتها يحتويها ويصد عنها كل سوء ومكروه.. كانت تلعب ولم تدرِ أنَّ ريب المنون أقرب إليها من حبل الوريد، خالص التعازي لذوي هذه الطفلة، عسى الله أن يجبر كسرهم ويعوضهم خيرا.
رُبَّما هناك من يتساءل: كيف تمت الحادثة؟ وكيف تُرِكت أسلاك عمود الإنارة مكشوفة؟ أليس هناك من وسائل سلامة وحماية ضد العبث؟ يتَّضح من خلال الصور التى انتشرت بعد الحادثة أنَّ أسلاك العمود تُرِكت مكشوفة والفاعل مجهول، وهناك من أزال الغطاء، لا نستطيع الجزم من هو الفاعل، فإن كان الموضوع يخص الشركة المكلفة بصيانة الأعمدة فتلك مصيبة بصفتها شركة مُتعَاقد معها، تُدفع لها أموال من المفترض أن تقدم خدمات ذات جودة مرتبطة بالأمن والسلامة والحماية ضد التخريب، أما إنْ كان الموضوع يخص بلدية بركاء فالمصيبة ستكون أعظم؛ كونها جهة حكومية لها من الإمكانيات اللوجستية ما لها، ومن المفروض أنها الجهة المتعهدة بالمراقبة والتفتيش لكافة أعمدة الإنارة بالولاية، والاحتمال الآخر المطروح أن يكون ما حصل جراء عبث أحد العابثين الذين يبحثون عن تجميع قطع الحديد تمهيدا لبيعها لضعاف النفوس غير المبالين بما يُخلِّفه عبثهم من مأسٍ ومصائب، ويا ليت لو تتم بعد هذه الحادثة تغطية مكان الأسلاك في أعمدة الإضاءة بقِطَع غير مكلفة أو مشتقة من مواد معاد تدويرها حتى لا تتعرَّض للتلف والسرقة مرة أخرى، والسؤال هنا: بعد هذه الحادثة، هل سيتم تسجيلها لدى الجهات الرسمية على أنها قضاء وقدر؟
فمن المفروض والبديهي أن لا تمر هذه الحادثة المأساوية مرور الكرام على الجهات ذات العلاقة: الأمنية منها كشرطة عمان السلطانية، والحكومية كبلدية بركاء ومكتب الوالي، بل يجب معرفة الأسباب والمسببات؛ فالوفاة غير طبيعية إطلاقا، وللإهمال فيها جانب كبير ينبغي دراسته بعمق من جانب الجهات المذكورة، ليس من قبل الدراسة فحسب، بل في سبيل استنتاج وتحليل الواقعة، تجنبا لعدم تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً مرة أخرى مع أطفال آخرين لا سمح الله، كما أنَّ لأفراد العائلة كذلك دورا لا يقل أهمية عمَّا ذُكر أعلاه في مراقبة أطفالهم وعدم السماح لهم باللعب واللهو خارج المنزل، أو قريبا من أية أسلاك كهربائية قد تكون مكشوفه لأي سبب من الأسباب، وهذا ما يقودنا بدوره لما يميز مجتمعنا من تعاون وتعاضد وتكاتف، وما يجب أن يقوم به كل فرد منا في المساهمة مع الجهات الرقابية من تبليغ متى ما وجد وصادف الضرر عبر قنوات التواصل والاتصال المتاحة للجميع.
***************
خارج النص:
عادت الحياة لطبيعتها مرة أخرى بعد قرارات اللجنة العليا مؤخراً، ولكن ينبغي أن يشوب هذه العودة نوع من الحذر الواجب؛ سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، والاستمرار في تطبيق الإجراءات الاحترازية وعدم التهاون جراء فتح الأماكن العامة كالمتنزهات والشواطئ وأماكن التجمع والانخداع بانخفاض الأرقام والإحصائيات الخاصة بفيروس كورونا في السلطنة، مع خالص الشكر والتقدير لوزارة الصحة وطاقمها في المستشفيات لما يقومون به من جهد جهيد؛ كونهم خط الدفاع الأول في المواجهة، باختصار ينبغي أن يعلم الجميع أن الحذر وليس سواه شعار المرحلة المقبلة لحين التقين من أمرين؛ إما أن يخبو الفيروس من غير رجعة، أو يتم التعايش معه كونه فيروسا مثل كل الفيروسات المعدية.. بالتأكيد الأيام المقبلة ستكون حُبلى بالأخبار التي نتمنَّى جميعا أن تكون مبشرة.