اقتصاد أستراليا يخرج من الركود.. و"الحرب التجارية" مع الصين أكبر تحدٍ

ترجمة - الرؤية

قالتْ شبكة "سي.إن.إن" الإخبارية الأمريكية إنَّ الاقتصادَ الأستراليَّ عاد إلى النمو مرة أخرى بعد أن دفعته جائحة الفيروس التاجي لأول ركود منذ 3 عقود، لكن يتعين على البلاد أن تحافظ على انتعاشها غير المستقر على المسار الصحيح في الوقت الذي تتعامل فيه مع علاقة تزداد سوءًا مع الصين، أكبر سوق تصدير لها.

وقال مكتب الإحصاءات الأسترالي، أمس، إنَّ الاقتصادَ الأسترالي نما بنسبة 3.3% في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر مقارنة بالربع السابق. وجاء الانتعاش مدفوعًا إلى حد كبير بتحسن إنفاق الأسر؛ حيث رُفعت قيود كوفيد 19 بشكل مضطرد في معظم أنحاء البلاد. وكان الاستثناء الرئيسي هو ولاية فيكتوريا المكتظة بالسكان، والتي كانت تخضع لإغلاق صارم في أجزاء كبيرة منها بسبب عودة تفشي فيروس كورونا.

ومن المحتمل أن تُلقي التوترات بين أستراليا والصين بظلالها على الانتعاش. وفي حديثه مع الصحفيين، وصف وزير الخزانة جوش فريدنبرج النزاع مع الصين بأنه "وضع خطير للغاية". وقال: "الصين هي الشريك التجاري الأول لنا. تعتمد العديد من الوظائف الأسترالية على التجارة"، مضيفًا أن أستراليا تبحث عن اتفاقيات تجارة حرة مع شركاء آخرين حول العالم -بما في ذلك الاتحاد الأوروبي- في محاولة للحد من المخاطر. وأضاف فريدنبرج: "أنا متفائل للغاية بشأن الفرص المتاحة لمصدرينا حول العالم".

وفي غضون ذلك، يقول الاقتصاديون إنَّ الخلاف التجاري المستمر لم يتصاعد بعد إلى الحد الذي يشكل فيه تهديدًا حقيقيًا للاقتصاد الأسترالي.

وتدهورتْ العلاقات منذ أن دعا رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون إلى إجراء تحقيق دولي في أصول جائحة فيروس كورونا في أبريل، وهي خطوة وصفتها بكين بـ"التلاعب السياسي".

ومنذ ذلك الحين، تنازع الجانبان حول العديد من القضايا، بما في ذلك التجارة. وفرضت الصين على صانعي النبيذ الأسترالي رسوما جمركية مرتفعة، وحظرت صادرات وفرضت ضرائب على صادرات منتجات أخرى، بما في ذلك لحوم البقر والشعير.

ويرى مراقبون أنه إذا دخلت أستراليا حربا تجارية شاملة مع الصين، فإنَّ النتائج ستكون مدمرة لها؛ إذ إن الصين -ثاني أكبر اقتصاد في العالم- تعد أكبر شريك تجاري لأستراليا، وبلغت قيمة التجارة البينية 215 مليار دولار أسترالي (158 مليار دولار) في العام 2018، وفقًا لإحصاءات رسمية. وفي حال توقف التجارة كاملة بين البلدين، فستتكبد أستراليا خسائر تمثل حوالي 6% من الناتج المحلي الإجمالي، حسبما يؤكد باحثون في جامعة غرب أستراليا وجامعة أستراليا الوطنية.

وكتب الاقتصاديون في أكسفورد إيكونوميكس في تقرير الشهر الماضي: "أي تدهور في العلاقة التجارية مقلق". وشكلت صادرات السلع والخدمات 22% من الناتج المحلي الإجمالي لأستراليا في العام 2019. وذهب حوالي ثلث ذلك إلى الصين.

وتسبَّب النزاع التجاري في تدهور بعض الصناعات، فقد شجب صانعو النبيذ الأستراليون الرسوم الجمركية الأخيرة باعتبارها تتسبب في "ضرر مهول"، الأمر الذي أجبرهم على البحث عن مشترين جدد في أمريكا وأوروبا.

لكن السبب الحقيقي وراء إلحاق الضرر بالقطاع الزراعي لا زيال غامضا، وأشار بن أودي الخبير الاقتصادي الأسترالي والنيوزيلندي في كابيتال إيكونوميكس، في مذكرة بحثية، إلى أن الجفاف التاريخي الذي تعرضت له أستراليا من المحتمل أيضًا أن يكون أسهم بدور في الإضرار بالصناعات القائمة على الزراعة.

وقال هانز هندريشك أستاذ إدارة الأعمال الصينية في جامعة سيدني: "في الوقت الحالي، تستهدف إجراءات الصين لحظر التجارة نقاط الضعف التي تضر بقطاعات التصدير الصغيرة نسبيًا، مثل النبيذ ولحوم البقر وغيرها من المجالات". وأضاف "هذه الصناعات قد تعاني بشدة أو قد تضطر إلى إعادة الهيكلة. هذه مشكلة تنبع نتيجة ممارسة ضغوط سياسية أكثر منها ضغوط اقتصادية واسعة النطاق".

لكن هل يمكن أن يكون التعدين الهدف التالي للحظر الصيني؟ يبدو الأمر كذلك.. إذ تشكل مواد التعدين، وخاصة خام الحديد، حصة كبيرة من الصادرات الأسترالية للصين. ولاحظ الاقتصاديون في أكسفورد إيكونوميكس أن 68% من صادرات المواد الخام الأسترالية ذهبت إلى الصين العام الماضي.

وقال شون لانجكيك أحد مؤلفي التقرير: إنَّ مثل هذه القيود غير مرجحة، بالنظر إلى مدى اعتماد صناعة الصلب في الصين عليها. وبينما لم تعلن الصين رسميًّا عن فرض قيود على صناعة التعدين الأسترالية، طفا على السطح بعض علامات التوتر. وأفادت وسائل إعلام أسترالية أن ما قيمته مئات الملايين من الدولارات من الفحم محتجز قبالة سواحل الصين. وفي حين أنه ليس بنفس أهمية خام الحديد، ما زال الفحم يمثل منتجا تصديريًّا رئيسيًّا إلى الصين من أستراليا.

تعليق عبر الفيس بوك