تعقد خطة جو بايدن "قبل أن تبدأ"

دماء فخري زاده تلطخ مائدة مفاوضات "النووي الإيراني".. هل ينتقل الحوار إلى المواجهة؟

ترجمة- الرؤية

خَلصت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، في افتتاحيتها أمس، إلى أنَّ ما وصفته بـ"حادثة الاغتيال المتهور" للعالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، سيُعرِّض خطة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن النووية للخطر، موضحةً أنَّ "أولئك الذين كانوا يأملون فيما يُشبه الهدوء في الشرق الأوسط في الأيام الأخيرة من رئاسة دونالد ترامب أيقظوا على "وقاحة" اغتيال أكبر عالم نووي إيراني".

وألقى القادة الإيرانيون على الفور باللوم على إسرائيل في مقتل محسن فخري زاده الأسبوع الماضي. وعادة لا تُنكر إسرائيل أو تؤكد مثل هذه الضربات، وتفضل الغموض على المساءلة، بينما تعزز غموض أجهزتها السرية.

وقالت الصحيفة الإنجليزية إنه من الصعب تخيُّل أي دولة أخرى تقوم بمثل هذا "الهجوم الجريء"، معتبرة أنَّ الزعيمين اللذين تخدمهما أكثر من غيرهما هما ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأن ذلك يعطي سببا منطقيا للعقول المتشابهة في التفكير بشأن إيران.

وأدى الاغتيال إلى تصعيد التوترات في الشرق الأوسط بعد شهور من الهدوء النسبي، ويخاطر بجعل الأمر أكثر صعوبة على جو بايدن للوفاء بتعهده بفتح مفاوضات مع إيران والانضمام إلى الاتفاق النووي للعام 2015، إذا وافقت طهران على العودة إلى الامتثال الكامل للاتفاق. فترامب ونتنياهو على ما يبدو عازمان على بذل قصارى جهدهما لإفشال فرص الرئيس الأمريكي المنتخب قبل أن يستقر في البيت الأبيض.

ومنذ هزيمته في الانتخابات، كان الخوف في المنطقة هو أنَّ ترامب قد يُهاجم إيران أو حلفائها في طلقة فاصلة، من شأنها أن تبدد الآمال في إعادة طهران إلى طاولة المفاوضات. وفي الشهر الماضي، ورد أنه طلب من كبار المستشارين خيارات لضرب المنشآت النووية الإيرانية، قبل ثنيه عن القيام بعمل عسكري.

ولفتت افتتاحية "فايننشال تايمز" إلى أنَّ ترامب بذل بالفعل قصارى جهده لتدمير الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع القوى العالمية وعزل إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية من جانب واحد، وفرض أشد أنظمة العقوبات صرامة.. معقبة بالقول: "ومع ذلك، فشلت إستراتيجيته للضغط الأقصى".

وفي حين أن إيران قلصت بشكل كبير من نشاطها النووي بموجب الاتفاق، فقد أدت تصرفات ترامب إلى توسيع طهران لبرنامجها النووي. واليوم يبلغ مخزونها من اليورانيوم المخصب 12 ضعف ما كان عليه قبل أن يتخلى عن الاتفاق. ومع ذلك، ظلت إيران في الاتفاق بدعم من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا -الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق.

وأدان الاتحاد الأوروبي اغتيال فخري زاده ووصفه بأنه "عمل إجرامي". يتعين على الموقعين الأوروبيين الآن تكثيف جهودهم الدبلوماسية لخلق بيئة مواتية لتعزيز فرص الحوار بين طهران وواشنطن بمجرد تولي إدارة بايدن السلطة. وتعهد النظام الإيراني بالانتقام لمقتل فخري زاده، لكن يجب أن يتجنب الانجذاب إلى الانتقام.

وفشل الاتفاق النووي في معالجة العديد من المخاوف التي تؤرق القوى الغربية والإقليمية بشأن أفعال إيران. لكنها توفر نقطة انطلاق أفضل بكثير من سنوات ترامب العاصفة؛ حيث كانت المنطقة تخشى دائمًا أنها على شفا الحرب.. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بأن "هذا الاغتيال الطائش والخطير، يعزز فقط الحاجة إلى الحوار بين جميع الأطراف".

تعليق عبر الفيس بوك