"بيت المناقصات".. هل تسمح بالإيضاح؟

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

نُدرك جميعاً ونُقدِّر حجم العمل وأهمية ما تقوم به الأمانة العامة لمجلس المناقصات في الوطن ولولاه لما رأينا الكثير من المنجزات الوطنية على أرض الواقع ومع ذلك فإنَّ ظهور بعض التغريدات والحديث عن الأرقام التي تظهر بين الفينة والأخرى يجعلنا نطمح للدخول إلى هذا البيت الهام والجزء الذي تقرر فيه الكثير من أموال الوطن، وإني أتمنى أن يكون ذلك الإيضاح الصريح والمترفع والواثق ليس دفاعاً عن أمانته بقدر ما هو فخر بعمله وأدائه المُتميز وأن يكون هذا الفخر في كل جزء من الوطن يشرف أو يدير أو ينّمي أموالاً عامة هي باسم شعب عُمان ومن حقه الاطمئنان عن تصريفها وإدارتها بأفضل ما يُمكن من طرق وأساليب وكفاءات وأن ما  يقدمونه هو الأفضل على الإطلاق بل لا يُمكن أن يكون ما هو أفضل منه.

أنا واحد ممن يستمع ويرى في وسائل التواصل الاجتماعي وبقية وسائل الإعلام أنَّ المناقصة كذا رست على شركة ما وبقيمة كذا وهذا الأمر كوني شريكاً من خلال وطنيتي وانتمائي أراه قليلاً جداً وبعيداً كل البعد من أن يروي تعطشي المعرفي فأنا أطمح للكثير وإذا لم يكن كل ما سأذكر فعلى الأقل أجزاء منه فلو افترضنا أنَّ مبنى بحجم إحدى الوزارات يُعتزم بناؤه فإني أريد أن أعرف مساحة البناء وكم المبلغ مقابل كل (متر مربع) وهل سيشمل المشروع الأثاث والتوصيلات اللازمة هذا الأمر يفترض أن يكون أكثر من عادي جداً غير أني أريد ما يفتخر به المجلس من مستوى مثل إلغاء المناقصة كاملاً نظراً إلى أنَّ كل المتقدمين فوق المتوقع وفوق ما يستحق المشروع وكذلك البعد عن اتحاد الشركات وتوزيع المناقصات في ما بينها، وكذلك التأكد والمقدرة على معرفة ما إذا كانت كل المعلومات والحقائق والوثائق المقدمة من مختلف الوزارات والمؤسسات كاملة ليس لمعرفة المواصفات وإنما السعر العادل للجميع. أتمنى أن يفتخر المجلس بأن المتر في السابق كان بكذا واستطعنا أن نجعله بكذا أريد المقارنة في المواصفات والأسعار مع الإقليم والدول وأين نحن وفي أي مرتبة بين دول العالم؟! ماهو المقدم في المشاريع الوطنية والعامة؟!

ما هو مصدر الخام المستخدم وهل هناك شروط للشراء من الوطن؟ هل هناك خام عُماني حكومي يمكن أن يُقلل من السعر ونفرض استخدامه على الشركات ؟ماذا عن التعمين وحركة السوق المحلية وأمثلة من ذلك؟

أنا كمواطن لا يمكنني تقدير العمل وهل كان عادلاً أو غير ذلك في مناقصات الطرق مثلاً لأنَّ أي مواطن لم يجرب أن يشق طريقاً بالجهود الذاتية غير أنَّه جرب إقامة السدود بطرقه ووجد أنَّ الأمر وإذا كان النسبة والتناسب في حجم الفارق في الأسعار فإنَّ الأمر بحاجة إلى لجان وعقول على درجة خاصة من التأهيل والمقدرة والجرأة لمُراجعة الأمر، ذلك أنَّ سداً معيناً قدرت أرقامه حسب ما هو مُتعارف عليه قد يصل إلى المليون مثلاً، في حين أنَّ ذلك السد والذي يبلغ عرضه 105 أمتار في ارتفاع 9 أمتار كلّف مبلغاً وقدره 162 ألف ريال بجهود الأهالي بالمواصفات والخرائط والإشراف من الوزارة المعنية وبنفس المواصفات التي ألزمت بها كل الشركات في التنفيذ، ولقد ذكر واحدٌ من المشرفين على السد أنَّه لو أُعطي الفرصة مرةً أخرى فإنِّه يُمكن أن يكون الرقم أقل بكثير ولقد ذكر أيضاً لو أنَّ الحكومة وفّرت له مبلغاً وقدره مليون ريال لأقام ستة سدود في أي مكان من الوطن وبذلك فيمكن للمعنيين قراءة هذه الجوانب ومقارنة السدود وأسعارها شاملاً كل المشاريع التي تمر على مجلس المناقصات وأسعارها ولماذا لم تكن هناك عقول تستطيع أن توفر مثل هذه المبالغ للمصلحة الوطنية.

وأخيراً.. فإنَّ الشفافية والوضوح التي هي واحدة من استراتيجيات القائد المفدى -حفظه الله- فإنني أطمح ألا تكون في وسائل معقدة أو قابلة للتأويل إنما يجب أن تكون متاحة وسهلة وإلى كل فئات المجتمع وبمثال آخر ولوضع النقاط على الحروف فإنَّ إعلاناً حكومياً مثلاً جاء على أن السلطنة وخلال فترة قياسية أصبحت واجهة عالمية في تصدير الجبس غير أن الإعلان لم يتطرق إلى ماهية المصلحة الوطنية بالرقم المالي الذي دخل إلى خزينة الدولة التي هي بأمسّ الحاجة إلى كل ريال، ولم يتطرق إلى الطريق بين قيرون حيريتي وصلالة من الذي سيقوم بصيانته بعدما وصل الحال به إلى ما وصل من نقل الجبس ولم يتطرق إلى هل أن عدد الشاحنات الألفية ومشاركتها الطريق العام هو ضمن القانون العالمي للمرور؟

فماذا لو أنَّ الدخل من هذا الخام بالأرقام المليونية وأقيم طريق خاص للشاحنات وصولاً إلى مدينة صلالة ونكون بذلك أبعدنا الشاحنات وأخطارها عن الطريق الرئيسي وجعلناه سالماً لاستخدام العامة فإذا كانت الدولة لا تجني ما هو مناسب من هذا الخام فماذا لو أن بيئة عُمان سالمة وهذا الخام يبقى واحداً من كنوز عمان للأجيال القادمة لعلهم يكونون أحوج منِّا أو لعلهم يتصرفون أفضل منِّا أما ما يحدث الآن فهو بحاجة إلى معاينة من لجان على مستوى عالٍ من الوطن وعلى اللجنة المذكورة أن تخاطب الوطن باللغة المناسبة والتي يستحق شعب عُمان أن يكون على دراية واضحة ومطلقة لا لبس فيها.