455 مليار دولار تثير "خلافا نادرا" بين "الاحتياطي الفيدرالي" ووزارة الخزانة

"شتاء قاتم".. الاقتصاد الأمريكي على شفا الانكماش مع تباطؤ الناتج الإجمالي

ترجمة- الرؤية

حذَّر بنك "جيه بي مورجان" من أنَّ الاقتصاد الأمريكي على شفا الانكماش، مع تفاقم الأوضاع الصحية الناتجة عن تفشي فيروس كورونا في أنحاء الولايات المتحدة، وضعف الإدارة السياسية في واشنطن، الأمر الذي ينذر بعدم قدرة الحكومة الأمريكية على الحفاظ على الانتعاش الاقتصادي مع اقتراب تولي الرئيس المنتخب جو بايدن الحكم بحلول يناير المُقبل.

وبهذا يكون "جيه بي مورجان" أول بنك مدرج في بورصة وول ستريت يحذر من أن الناتج المحلي الإجمالي سيتحول إلى السلبي بحلول أوائل العام المُقبل، بينما يترقب الأمريكيون توزيع لقاحات فيروس كورونا. وكتب الاقتصاديون في جيه بي مورجان في مذكرة للعملاء: "سيكون هذا الشتاء قاتماً، ونعتقد أنَّ الاقتصاد سينكمش مرة أخرى" في الربع الأول.

وبعد النمو الهائل هذا الصيف، يفقد الاقتصاد زخمه بسرعة. وحقق الربع الثالث نمواً سنويًا قياسيًا بلغ 33.1%، ولكن يتوقع جيه بي مورجان الآن أن يتباطأ الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.8% في الربع الرابع ثم يتقلص بنسبة 1% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021.

وقفزت إصابات كوفيد-19 إلى مستويات قياسية، مما أجبر الولايات على إعادة فرض القيود الصحية، حيث أغلقت المدارس العامة في مدينة نيويورك مرة أخرى، وأصدرت كاليفورنيا وأوهايو قرار بحظر التجول، وحتى حديقة الحيوان الوطنية أغلقت أبوابها مرة أخرى. ومن شأن كل هذه الإجراءات أن تضيف مزيداً من الضغوط على الاقتصاد الأمريكي.

ولا تستطيع الحكومة الفيدرالية الاتفاق على كيفية معالجة الضعف الاقتصادي المُتجدد؛ حيث فشل الجمهوريون والديمقراطيون مرارًا وتكرارًا في التوصل إلى اتفاق بشأن إعفاء مالي جديد، مما يهدد بسيناريو يفقد فيه 12 مليون أمريكي مزايا اجتماعية واقتصادية بحلول نهاية العام.

وقال ديفيد كوتوك كبير مسؤولي الاستثمار في كمبرلاند أدفايزورز: "لقد خذل الكونجرس البلاد". وانتقد إيان شيبردسون كبير الاقتصاديين في مؤسسة بانثيون للاقتصاد الكلي، الكونجرس بسبب "التقصير المروع في أداء الواجب".

وفاقمت وزارة الخزانة حالة الفوضى في البلاد، بعد سحب 455 مليار دولار من الأموال التي خصصها بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي) لاستخدامها في برامج الإقراض الطارئة. وأصدر البنك بيانًا يعارض هذه الخطوة، مما يشير إلى خلاف نادر بين البنك المركزي ووزارة الخزانة في خضم أزمة اقتصادية.

وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين إن هذه الأموال يمكن أن يستخدمها الكونجرس لتحفيز الاقتصاد، لكن ليس هناك ما يضمن إمكانية التوصل إلى اتفاق هناك.

وقال كوتوك "كان ترامب سيوقع مشروع قانون قبل الانتخابات. الآن لا يُمكن التنبؤ به ويبدو أنَّ حكومتنا الوطنية في حالة من الفوضى".

وحتى غرفة التجارة الأمريكية، وهي مؤسسة صديقة للجمهوريين عادة، قالت إن قرار منوشين "يغلق الباب أمام خيارات السيولة المهمة للشركات في وقت هم في أمس الحاجة إليها"، مضيفة أنه "يقيد أيدي الإدارة القادمة بلا داعٍ".

والخبر السار هو أن الإنجازات الطبية تشير إلى أنَّ الانتعاش الاقتصادي قد يعود إلى مساره في وقت لاحق من العام المقبل. وأعلنت كل من شركتي فايزر وموديرنا عن نتائج مبكرة تشير إلى أنَّ لقاحهما المرشح فعَّال بنسبة 95%؛ أي أكثر بكثير مما توقعه الخبراء.

وعلى الرغم من أنَّ توزيع هذه اللقاحات سيستغرق وقتًا، إلا أنها ستساعد في النهاية على إغاثة أجزاء الاقتصاد التي سحقها الوباء: الفنادق وشركات الطيران وخطوط الرحلات البحرية والمطاعم ودور السينما.

وكتب الاقتصاديون في جيه بي مورجان: "النجاح المبكر لبعض تجارب اللقاحات الرئيسية يزيد من ثقتنا بأنَّ مثل هذا التدخل الطبي يمكن أن يحد من الضرر الذي ألحقه الفيروس بالاقتصاد الأمريكي".

ويتوقع جيه بي مورجان أن ينمو الاقتصاد "بسرعة" خلال الربعين الثاني والثالث، مع نمو سنوي يبلغ 4.5% و6.5% على التوالي.

وبالطبع، تشهد بعض أجزاء الاقتصاد الأمريكي ازدهارًا تامًا، فقد ارتفعت مبيعات المنازل الأمريكية في أكتوبر إلى أعلى مستوى منذ ذروة الفقاعة العقارية في عام 2006، مدفوعة بمعدلات الرهن العقاري المنخفضة بشكل غير عادي والاندفاع إلى السكن في الضواحي. وتساعد قوة سوق الإسكان في تخفيف حدة المشاكل الاقتصادية الأوسع التي يسببها الوباء.

تعليق عبر الفيس بوك