السلطان هيثم.. رجل المرحلة الصعبة

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

جاء حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى الحكم خلفا للمغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- في وقتٍ عصيب، وزمنٍ مرير.. فالعالم يتغيّر ويترنّح تحت ضربات "كورونا" الموجعة، وآثاره السلبية على أكبر اقتصادات الكرة الأرضية، والحِمل ثقيل، والأمانة تنوء بحملها الرجال أولو العصبة، ليس فقط على مستوى البلاد، لكن على مستوى الشخصية كذلك، فرجلٌ كالسلطان قابوس- رحمه الله- يصعب سد مكانه، ومقارنته بأي حاكم آخر، لكنها وصيّة رجلٍ عظيم لرجلٍ عظيم؛ ففي هذا العالم الذي يموج بكل التحديات، والصعوبات، والعقبات، لا بد من حاكمٍ بحجم المرحلة يقود البلاد، ويخرجها من محنتا، ويقود السفينة إلى ساحل الأمان، غير أنَّ الاختيار ليس سهلا بالمرة، فمن هو الرجل الذي يتوسّم فيه السلطان الراحل الخير والأمانة والطموح الذي يرجوه؟!

لقد كان فَقدُ السلطان قابوس حدثا استثنائيا محزنا، لا يمكن للعمانيين نسيانه، فهو الذي ساسهم لنصف قرن، عاشوا أحلامهم، وآمالهم فيه، وتوسّموا في سياساته الخير، وصار اسم عمان مقترنا باسمه، فهو الرجل هادئ الطباع، صعب المراس، الحازم في أمره، الحليم في أمر غيره، والحكيم الذي يقصده حكّام العالم ليأخذوا منه المشورة، والنصيحة، حتى غدت السلطنة في عهده كعبة السلام والأمان، يقصدها المختلفون، والمتنازعون، الذين لا يجدون في غير السلطان الراحل ملجأ لحل خلافاتهم، والخروج بنزاعاتهم إلى أرض السلام، لهذا كان لا بد من وريثٍ يرث هذه السياسة، وهذه الحكمة، وريثٍ يتوسّم فيه -طيّب الله ثراه- كل مقومات القيادة، والحكمة، وكذلك النهج (السلاميّ) في غير خضوع، ولا خنوع، رجلٍ تجتمع فيه صفات الشخصية القيادية، يكون أمينا على البلاد والعباد من بعده، حتى وجد ضالّته في شخص السلطان هيثم بن طارق أطال الله عمره.

صدمت وفاة السلطان قابوس العمانيين، وجاء جلالة السلطان هيثم بن طارق في ظل اقتصاد يواجه التحديات، وهيكلٍ حكوميّ مترهل، وأسعار نفط متدنية، وزادت جائحة "كورونا" الطين بلّة، فكان لا بد من جملة قرارات حاسمة، وحازمة، وسريعة، ولكن لا بد منها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، دون مجاملة، أو محاباة، أو دس الرؤوس في الرمال؛ حيث لا بد من مواجهة الواقع دون مكابرة، والعمل دون إبطاء من أجل المستقبل، حتى ولو كلّف الأمر تضحيات باهظة؛ فالأولوية للوطن، وللاقتصاد، وللخروج من عنق الزجاجة، فصدرت المراسيم السلطانية السامية بدمج الوزارات، وتوزيع الاختصاصات، وتشكيلٍ وزاريّ شاب، يتمتع بمؤهلات أكاديمية عليا، وسير ذاتية ناجحة جديرة بالاهتمام، يحدوها طموح كبير، يقود دفة المستقبل، ويعمل على تغيير جذري للعمل المؤسساتي، ويصل برؤية "عمان 2040" إلى ما تبتغيه القيادة الجديدة.

لعلَّ الأيام المقبلة لن تكون سهلة كما نرغب من رخاء سابق، وستحد من طموحات الشخصية للأفراد، لكنها ستؤسِّس على المستوى العام لمستقبل عُمان والعمانيين، وستعمل على نقل العمل المؤسساتي إلى آفاق أرحب، وستعيد تشكيل خارطة العمل الوطني، لذلك على كل مواطن عماني أن يضع ثقته في شخص السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- وحكومته، وأن يتفّهم طبيعة المرحلة الحالية، وما فيها من تحديات وصعوبات، وما يكتنفها من خطوات هيكلية لتصحيح الأوضاع، وما يتطلّبه من تضحيات على المستويات الشخصية والمعيشية، وعلينا أن نرى العالم بعيون أوسع، وعقول أكثر واقعية، وانفتاحا؛ فعمان تستحق الأفضل، ويستحق كل مواطن فيها عيشا كريما، وتستحق الأجيال القادمة أن نعمل لأجلها، كما عمل الجيل السابق لمن بعده.

يجب أن نضع شعار "كلنا لعُمان، وعُمان لنا" نصب أعيننا، وأن نعمل وفقا لهذا الشعار، ولا شك أن الغد أفضل، يجب أن نثق بذلك، ونؤمن به، ونعمل لأجله، وكل عيد وطني وعماننا زاهرة ومزدهرة، وسلطاننا -حفظه الله- في عزة وسلام، والشعب العماني في أمن ووئام وخير.