حمود الحاتمي
يا لسخرية الواقع أن يسلب منا العام 2020 الفرح في كل شيء؛ سلب منا روح قائدنا السلطان قابوس، فعشنا أشهر حداد حزينة، بعدها تداهمنا "كورونا" وتبقينا في منازلنا دون استكمال عامنا الدراسي، ونستقبل نتائج أبنائنا بدون ذلك الألق والفرح الذي اعتدنا عليه وحفلات التخرج التي تقام في المدارس، حتى تجمعات الفرح العائلية ذهبت، ومر العيدان بسرعة البرق دون ذكرى سعيدة.
كان حلمنا أن نرى أطفالنا وهم يذهبون إلى مدارسهم بملابسهم البيضاء وكمتهم التي تتوج رؤوسهم بالفخر الانتماء وألوان ملابس طالباتنا البنية والرصاصية التي اعتدنا أن نراها كل صباح.
لم يعُد ذلك الصخب في المكتبات والمراكز التجارية التي تتجادل حول لون ذلك الدفتر أو سماكة أوراقه، لم نعد نشاهد الحقائب المدرسية، وأسعارها، لم يخرج المنظِّرون لإلقاء العتب حول ثقل الحقيبة المدرسية.
نُصبح على بداية عام دراسي وحركة الشارع هادئة، لم نعد نسمع هدير الحافلات أو صيحات الاطفال التي تنادي: "تعالوا الباص جاي.. تعالوا بسرعة".
أين حفلات الاستقبال للطلاب التي تتفنَّن إدارات المدارس في إظهارها في السوشيال ميديا!!
لم نسمع صياح طلاب الصف الأول مع أول يوم دراسي لهم لمفارقتهم الأسرة ولو لساعات قليلة.
أين طابور الصباح وكلمات التحفيز والترحيب التي اعتاد مديرو المدارس إلقاءها على مسامع الطلاب والمعلمين؟
جرس الحصة الأولى صمت ولم يصدح حتى إشعار آخر.. دفتر الغياب الذي يجوب الفصول فصلا فصلا ظل مغلقا والتراب يغلفه، لم يفتح منذ الثاني عشر من مارس. الجمعية التعاونية مُوصدة أبوابها لم تعد تستقبل المشترين، علب العصير لم تعد تُغطي ساحات المدرسة، وجدول المناوبة اليومية مُجمَّد تفعيله حتي إشعار آخر.
مدارس بلا حضور طلابي، مدارس بلا طوابير للحافلات، مباني مدارس تحولت إلى مدارس افتراضية.. أسماء مدارس متنوعة ذاع صيتها بأنشطتها المختلفة تحولت إلى مسمى واحد ألا وهو المنصة التعليمية "التعليم عن بُعد".
العام الدراسي 2020/2021 عام استثنائي، عام دراسي وتقني بامتياز؛ إذ سيستقبل الطلاب دروسهم عبر الشاشات ومن مرقدهم بالمنزل عبر منصة تعليمية أعدتها وزارة التربية والتعليم، وقامت بتدريب التربويين بمختلف مسمياتهم الوظيفية عليها كما تزعم ذلك.
غير أن الواقع يقول إن محتوى ذلك التدريب يغلب عليه التنظير دون التطبيقات الحقيقية؛ فقد أسهب المدربون في التنظير للتعليم عن بُعد وأهدافه َومميزاته وتحدياته دون التطبيق العملي لتطبيقات "جوجل كلاس" وغيرها من التطبيقات التي تسهم في نشر التعليم المدمج وتحفز الطلاب، أضف إلى ذلك قصر فترة التدريب.
إلا أن ذلك لا يعفي الأسرة التربوية من التعلم الذاتي لتلك البرامج وتَوظيف الإنترنت في البحث لتعلم برامج جديدة.
ولا شك أنَّ هناك مسؤولية كبيرة تلقى على عاتق المعلم ويتعاظم دوره في هذه الجائحة؛ إذ عليه أن يتأقلم مع هذه الظروف، ويجدد من معارفه ومهاراته كي يكون معلما ناجحا ومتفاعلا مع طلابه عبر المنصة، مقدما لهم دروسه بكل سهولة.
وولي الأمر تعاظم دوره أيضًا في ظل هذه الجائحة؛ فدوره يتعدَّي المتابعة غير المباشرة إلي المشاركة في المتابعة المباشرة والتوجيه، والتواصل مع المدرسة، كما أصبح لزاما عليه معرفة تطبيقات المنصة من خلال النشرات التعريفية للمنصة.
عام دراسي استثنائي نتشارك في نجاحه بإذن الله تعالى...،