هل نكتفي بالتسويق الزراعي؟

سعيد بن علي البادي

Saidalbadi82@gmail.com

استبشرَ الكثيرُ من المزارعين وغيرهم من الفئات المهتمة بإنتاج وتسويق المنتجات الزراعية بالأخبار الواردة من جهاز الاستثمار العماني عن نية الجهاز إنشاء شركة متخصصة بتسويق المنتجات الزراعية المحلية ليعود القطاع الزراعي للواجهة مرة أخرى بعد أن كانت مراكز التسويق الزراعي سابقا تقوم بهذا الدور قبل قرار إغلاقها من قبل الجهة المختصة. ويعدُّ إنشاء هذه الشركة أحد مصادر تنويع الدخل الحكومي، كما أنَّها تشكل إحدى الأدوات التي تقوم بها الحكومة لدعم المزارع العماني في سبيل الارتقاء بهذا القطاع الكبير والمتنوع.

وبطبيعة الحال، سوف تُسهم هذه الشركة في الارتقاء بالقطاع الزراعي من خلال إدخال العديد من التقنيات والوسائل الحديثة لهذا القطاع واستيراد التجارب العالمية التي تناسب طبيعة المناخ في السلطنة، وهذا ما يقودنا إلى جعل القطاع الزراعي قطاعا استثماريا يكون جاذبا للكثير من المستثمرين؛ سواء كانوا محليين أو من خارج السلطنة. كما أنَّ تأسيس هذه الشركة يعدُّ كإحدى أدوات الأمن الغذائي في السلطنة، والتي من المفترض أن تكون هناك إستراتيجية تُعنى بهذا الجانب المهم جدا.

وبعد ما سبق طرحه في هذا المقال، يأتي تساؤل مهم يتعلق أيضا بالمجال الزراعي؛ وهو: هل نكتفي بالتسويق الزراعي؟ وهل هناك مجالات أخرى من الممكن تبنيها وتطبيقها؟

من وجهه نظري، أرى بما أنَّه تُوجد شركة تُعنى بتسويق المنتجات الزراعية؛ فمن الأفضل البدء بتأسيس شركة تختص بإقامة صناعات تقوم على هذه المنتجات المزروعة محليًّا. فالخضراوات والفواكه تعتبر مادة خام للكثير من الصناعات الغذائية التي تشكل قيمة إضافية للقطاع الزراعي المحلي، والشاهد على ذلك أرفف المحلات التجارية التي تمتلئ بالمنتجات الزراعية المعلبة والمبردة المستوردة، والتي من الممكن تعويضها بالمنتج المحلي.

هُناك الكثير من الإيجابيات من إنشاء مصانع تقوم على المنتجات الزراعية المحلية منها استيعاب الإنتاج الوفير من المحاصيل الزراعية، والتي قد لا يتحملها السوق والمستهلك المحلي؛ مما يجنبنا هدر وإتلاف الجزء غير المستغل من الإنتاج، وكذلك المحافظة على الأسعار التي تناسب المزارع والبائع والمستهلك في سبيل تحقيق جدوى اقتصادية مناسبة لجميع الفئات.

وإضافة إلى ذلك؛ فهذا يشجع المزارعين على إنتاج محاصيل ذات جودة عالية حسب المواصفات المطلوبة للاستهلاك المباشر، أو التصنيع، وفي حدود الكميات المطلوبة لتفادي الخسائر المترتبة من ذلك مثل الهدر غير المبرر للمياه، والاستخدام المفرط للأسمدة الكيماوية ومبيدات الآفات الزراعية... وغيرها من الإشكاليات.

ومن الإيجابيات كذلك: تحتاج هذه المصانع لابتكار وإدخال تكنولوجيات حديثة ومعارف علمية تعتمد على هذا النوع من الصناعات، وهذا يقودنا لنقطة مهمة، وهي استحداث تخصصات علمية في مؤسساتنا التعليمية تختص بهذا النوع من الصناعات ليكون هناك تعاون بين هذه المصانع والمؤسسات التعليمية من خلال الأبحاث العلمية التي تهتم بتطوير الإنتاج ونقل المعرفة العلمية إلى الميدان الزراعي لتكون السلطنة الرائدة إقليميًّا في امتلاك هذا النوع من التكنولوجيا والمعرفة.

كما أنه من إيجابيات الصناعات القائمة على المنتجات الزراعية: إقامة بعض الصناعات المساندة لهذا المجال؛ مثل: صناعات الأسمدة العضوية وصناعات تتعلق بالأدوات المستخدمة في جميع مراحل الإنتاج الزراعي، وهذا يقودنا لخلق الكثير من فرص العمل الأدارية والفنية التي يحتاجها هذا المجال؛ سواء كانت هذه الفرص مباشرة أوغير مباشرة؛ مما يُشكل مساهمة جيدة لهذا القطاع في حل إشكالية الباحثين عن عمل في السلطنة.

تعليق عبر الفيس بوك